وأبلغ في عواقب الامور نظرا من غير هم ، فليكونوا أعوانك على ما تقلدت.
ثم أسبغ عليهم في العمالات ووسع عليهم في الارزاق فإن في ذلك قوة لهم على استصلاح أنفسهم وغنى [ لهم ] عن تناول ما تحت أيديهم وحجة عليهم إن خالفوا أمرك أوثلموا أمانتك (١).
ثم تفقد أعمالهم وابعث العيون عليهم من أهل الصدق والوفاء ، فإن تعهدك في السر أمورهم حدوة لهم (٢) على استعمال الامانة والرفق بالرعية ، وتحفظ من الاعوان ، فإن أحد منهم بسط يده إلى خيانة اجتمعت بها أخبار عيونك اكتفيت بذلك شاهدا ، فبسطت عليه العقوبة في بدنه وأخذته بما أصاب من عمله ، ثم نصبته بمقام المذلة فوسمته بالخيانة وقلدته عار التهمة.
وتفقد ما يصلح أهل الخراج (٣) فإن في صلاحه وصلاحهم صلاحا لمن سواهم ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم لان الناس كلهم عيال على الخراج وأهله ، فليكن نظرك في عمارة الارض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج فإن الجلب لايدرك إلا بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ولم يستقم له أمره إلا قليلا ، فاجمع إليك أهل الخراج من كل بلدانك ومرهم فليعلموك حال بلادهم وما فيه صلاحهم ورخاء جبايتهم (٤) ثم سل عما يرفع إليك أهل العلم به من غير هم ، فان كانوا شكوا ثقلا (٥) أوعلة من انقطاع شرب أو إحالة أرض اغتمرها
____________________
(١) أى نقصوا وخانوا في أدائها وأحدثوا فيها.
(٢) الحدوة : السوق والحث.
(٣) في النهج « وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله ».
(٤) الجباية : الخراج.
(٥) أى من الخراج أوعلة اخرى كانقطاع الشرب (بالكسر أى النصيب من الماء) أوا حالة أرض يعنى تغييرها عما كانت عليه من الاستواء لا جل الاغتمرار أى الانغماس في الماء بالغرق فلم ينجب زرعها ولا أثمر نخلها. وقوله : « أو أجحف بهم » أى ذهب بمادة الغذاء من الارض فلم تنبت.