غرق أو أجحف بهم العطش أو آفة خففت عنهم ما ترجو أن يصلح الله به أمرهم وإن سألوا معونة على إصلاح ما يقدرون عليه بأموالهم فاكفهم مؤونته ، فان عاقبة كفايتك إياهم صلاحا ، فلا يثقلن عليك شئ خففت به عنهم المؤونات ، وفانه ذخر يعودون به عليك لعمارة بلادك وتزيين ولا يتك مع إقتنائك مودتهم وحسن نياتهم (١) واستفاضة الخير وما يسهل الله به من جلبهم (٢) ، فان الخراج لايستخرج بالكد والاتعاب مع أنها عقد تعتمد عليها إن حدث حدث كنت عليهم معتمدا لفضل قوتهم بما ذخرت عنهم من الحمام (٣) والثقة منهم بما عودتهم من عدلك ورفقك ومعرفتهم بعذرك فيما حدث من الامر الذي اتكلت به عليهم فاحتملوه بطيب أنفسهم ، فان المعمران محتمل ما حملته وإنما يؤتى خراب الارض لاعواز (٤) أهلها وإنما يعوز أهلها لا سراف الولاة (٥) وسوء ظنهم بالبقاء ، وقلة انتفاعهم بالعبر.
فاعمل فيما وليت عمل من يحب أن يدخر حسن الثناء من الرعيه والمثوبة من الله والرضا من الامام. ولاقوة إلا بالله.
ثم انظر في حال كتابك فاعرف حال كل امرء منهم يحتاج إليه منهم فاجعل لهم منازل ورتبا ، فول على اهورك خير هم ، واخصص رسائلك التي تدخل فيها مكيدتك وأسرارك بأجمعهم (٦) لوجوه صالح الادب ممن يصلح للمناظرة في
____________________
(١) في بعض النسخ « نيتهم ». وفى النهج « مع استجلابك حسن ثنائهم وتبجحك باستقاضة العدل فيهم معتمدا فضل قوتهم بما ذخرت عندهم ».
(٢) في بعض النسخ « حليهم ».
(٣) كذا وفى بعض النسخ « الجمام » وفى النهج « من اجمامك » والجمام : الراحة.
(٤) فان العمران مادام قائما فكل ما حملت أهله سهل عليهم أن يحملوه. والاعواز : الفقر والحاجة.
(٥) في النهج « لا شراف أنفس الولاة على الجمع ». أى لتطلع أنفسهم إلى جمع المال.
(٦) باجمعهم متعلق باخصص ، أى ما يكون من رسائلك حاويا لشئ من المكائد و الاسرار فاخصصه بمن كان ذا أخلاق وصلاح ورأى ونصيحة وذهن وغير ذلك من الاوصاف