وحجتهم (١) فإن التبرم والعز والنخوة من كثير من الكتاب إلا من عصم الله.
وليس للناس بد من طلب حاجاتهم ، ومهما كان في كتابك من عيب فتغابيت عنه ألزمته (٢) أو فضل نسب إليك مع مالك عندالله في ذلك من حسن الثواب.
ثم التجار وذوي الصناعات فاستوص وأوص بهم خيرا ، المقيم منهم والمضطرب بماله (٣) والمترفق بيده فانهم مواد للمنافع وجلا بها في البلاد في برك وبحرك وسهلك وجبلك ، وحيث لا يلتئم الناس لمواضعها (٤) ولا يجترئون عليها من بلاد أعدائك من أهل الصناعات التي أجرى الله الرفق منهم على أيديهم ، فاحفظ حرمتهم وآمن سبلهم ، وخذلهم بحقوقهم ، فإنهم سلم لا يخاف بائقته (٥) وصلح لا تحذر غائلته ، احب الامور إليهم أجمعها للامن ، وأجمعها للسلطان ، فتفقد امورهم بحضرتك وفي حواشي بلادك. واعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقا فاحشا (٦) و شحا قبيحا ، واحتكارا للمنافع ، وتحكما في البياعات ، وذلك باب مضرة للعامة ، و عيب على الولاية ، فامنع الاحتكار فإن رسول الله صلىاللهعليهوآله نهى عنه ، وليكن البيع والشراء بيعا سمحا (٧) بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين مع البائع
____________________
(١) في بعض النسخ « وقبولهم ولينهم وحجتهم ». والتبرم : التضجر.
(٢) تغابيت أى تغافلت عن عيب في كتابك يكون ذلك العيب لا صقابك.
(٣) المضطرب بماله : المتردد بأمواله في الاطراف والبلدان. والمترفق بيده : المكتسب به وأصله ما به يتم الانتفاع كالادوات. والجلاب : ألذى يجلب الارزاق والمتاع إلى البلدان.
(٤) يلتئم : يجتمع وينضم أى بحيث لا يمكن اجتماع الناس في مواضع تلك المرافق ولا يجترئون أى ولا يكون لهم الجرأة على الاقدام من تلك الامكنة من بلاد الاعداء. والرفق ـ بالفتح ـ : النفع.
(٥) البائقة : الداهية والشر. والغائلة : الفتنة والفساد والشر. أى فان التجار و الصناع مسالمون ولا تخشى منهم فتنة ولا داهية.
(٦) الضيق : عسر المعاملة. البياعات : جمع بياعة : ما يباع.
(٧) السمحة : السهلة التى لا ضيق فيها وبيع السماح : ما كان فيه تساهل في بخس الثمن وفى الخبر « السماح رباح » أى المساهلة في الاشياء تربح صاحبها.