لا على الممازجة. وعلمها لا بأداة ، لا يكون العلم إلا بها. وليس بينه وبين معلومه علم غيره (١) كان عالما لمعلومه. إن قيل كان فعلي تأويل أزلية الوجود. وإن قيل : لم يزل فعلى تأويل نفي العدم (٢) فسبحانه وتعالى عن قول من عبد سواه ، فاتخد إلها غيره علوا كبيرا ، نحمده بالحمد الذي ارتضاه من خلقه وأوجب قبوله على نفسه.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
شهادتان ترفعال القول وتضعان العمل (٣) خف ميزان ترفعان منه ، وثقل ميزان توضعان فيه ، وبهما الفوز بالجنة والنجاة من النار والجواز على الصراط وبالشهادة تدخلون الجنة وبالصلاة تنالون الرحمة ، فأكثروا من الصلاة على نبيكم « إن الله وملا ئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ».
أيها الناس إنه لا شرف أعلى من الاسلام ، ولا كرم أعز من التقوى ، ولا معقل أحرز من الورع. ولا شفيع أنجح من التوبة. ولا لباس أجل من العافية. ولا وقاية أمنع من السلامة. ولا مال أذهب بالفاقة من الرضي والقنوع. ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة. والرغبة مفتاح التعب والاحتكار مطيه النصب.
والحسد آفة الدين. والحرص داع إلى التقحم في الذنوب ، وهو داع إلى الحرمان (٤) والبغي سائق إلى الحين. والشرة جامع لمساوى العيوب (٥). رب طمع خائب. و
____________________
(١) يحتمل الافاضة والتوصيف فعلى الاول فالمراد أنه لا يتوسط بينه وبين معلومه علم غيره وعلى الثانى فالمراد أن ذاته المقدسه كافية للعلم ولا يحتاج إلى علم أى صورة علمية غير ذاته تعالى ، بهذه الصورة العلمية وبار تسامها كان عالما بمعلومه كما في الممكنات.
(٢) أى ليس كونه موجودا في الازل عبارة عن مقارنته للزمان أزلا لحدوث الزمان بل بمعنى أن ليس لوجوده ابتداء أو أنه تعالى ليس بزمانى و « كان » يدل على الزمانية فتأويله أن معنى كونه أزلا أن وجوده يمتنع عليه العدم ولعل المعنى الاخير في الفقرة الثانية متعين.
(٣) تضعان خلاف ترفعان أى تثقلان. وفى الروضة « وتضاعفان العمل ».
(٤) قد مضى هذه الكلمات مع اختلاف يسير في وصيته لابنه الحسين عليهماالسلام.
(٥) الحين ـ بفتح المهملة والمثناة التحتانية ـ : الهلاك والمحنة والشرة غلبة الحرص والغضب والطيش والحدة والنشاط. وفى بعض النسخ « الشره » وهو الحرص أيضا.