صديقك ليوم يركبك عدوك. من غضب على من لا يقدر أن يضره طال حزنه وعذب نفسه. من خاف ربه كف ظلمه. ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة. إن من الفساد إضاعة الزاد. ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا. وما منا كرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب (١). ما أقرب الراحة من التعب. والبؤس من التغيير (٢).
ما شر بشر بعده الجنة. وما خير بخير بعده النار. وكل نعيم دون الجنة محقور وكل بلاء دون النار عافية. عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر (٣). تصفية العمل أشد من العمل. وتخليص النية عن الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد. هيهات لولا التقى كنت أدهى العرب (٤). عليكم بتقوى الله في الغيب والشهادة (٥) ، و كلمة الحق في الرضى والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، وبالعدل على العدو و الصديق ، وبالعمل في النشاط والكسل ، والرضى عن الله في الشدة والرخاء. ومن كثر كلامه كثر خطاؤه ، ومن كثر خطاؤه قل حياؤه ، ومن قل حياؤه قل ورعه.
ومن قل ورعه مات قلبه ، ومن مات قلبه دخل النار. من تفكر اعتبر. ومن اعتبر
____________________
(١) في الروضة « هيهات هيهات وما تنا كرتم الابما فيكم من المعاصى والذنوب » أى ليس تناكرتم الا لذنوبكم وعيوبكم.
(٢) وفى الروضة وبعض النسخ « من النعيم » والمراد بالتغيير سرعة تقلب أحوال الدنيا.
(٣) أى اذا أراد الانسان تصحيح ضميره عن النياب الفاسدة والاخلاق الذميمة تظهر له العيوب الكبيرة الكامنة في النفس والاخلاق الذمية التى خفيت عليه تحت أستار الغفلات.
(٤) الدهاء جودة الرأى ، والحذق وبمعنى المكرو الاحتيال وهو المراد ههنا. وفى الروضة « لولا التقى لكنت أدهى العرب » ومن كلام له عليهالسلام « والله ما معاوية بأدهى منى ولكنه يغدر ويفجر. ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس ، ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة. ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. والله ما استغفل بالميكدة ولا استغمز بالتشديدة ».
(٥) قد مضى هذا الكلام إلى آخر الخطبة في وصيته صلوات الله عليه لابنه الحسين عليهالسلام ولم يذكر في الروضة وفيها بعد هذا الكلام « أيها الناس ان الله عزوجل وعد نبيه محمدا صلىاللهعليهوآله الوسيلة ووعد الحق » إلى آخر ما خطبه عليهالسلام.