واحدة قبل دحو الارض ورفع السماوات ، ثم أفاض نورا من نور عزه فلمع قبسا من ضيائه وسطع ، ثم اجتمع في تلك الصورة ، فيها صورة رسول الله صلىاللهعليهوآله (١) فقال له تعالى : أنت المرتضى المختار ، وفيك مستودع الانوار ، من أجلك أضع البطحاء وأرفع السماء ، وأجرى الماء ، واجعل الثواب والعقاب والجنة والنار وأنصب أهل بيتك علما للهداية ، وأوداع فيهم أسراري بحيث لا يغيب عنهم دقيق ولا جليل ، ولا يخفى عنهم خفي ، اجعلم حجتي على خليقتي ، وأسكن قلوبهم أنوار عزتي ، و أطلعهم على معادن جواهر خزائني.
ثم أخذ الله تعالى عليهم الشهادة بالربوبية والاقرار بالوحدانية ، وأن الامامة فيهم ، والنور معهم ، ثم إن الله سبحانه أخفى الخليقة في غيبه؟ ، وغيبها في مكنون علمه ، ونصب العوالم ، وموج الماء ، وأثار الزبد ، وأهاج الدخان فطفا عرشه على الماء ، ثم أنشأ الملائكة من أنوار أبدعها وأنواع اخترعها ، ثم خلق المخلوقات فأكملها ، ثم قرن بتوحيده نبوة نبيه ، فشهدت له السماوات و الارض والملائكة والعرش والكرسي والشمس والقمر والنجوم [ وما في الارض ] بالنبوة والفضيلة ، ثم خلق آدم وأبان للملائكة فضله وأراهم ما خصه به من سابق العلم فجعله محرابا وقبلة لهم فسجدوا له وعرفوا حقه.
ثم إن الله تعالى بين لآدم عليهالسلام حقيقة ذلك النور ومكنون ذلك السر فأودعه شيئا وأوصاء وأعلمه أنه السر في المخلوقات ، ثم لم يزل ينتقل من الاصلاب الطاهرة إلى الارحام الزكية إلى أن وصل إلى عبدالمطلب فألقاه إلى عبدالله ثم صانه الله عن الخثعمية حتى وصل إلى آمنة ، فلما أظهره الله بواسطة نبينا صلىاللهعليهوآله استدعى الفهوم إلى القيام بحقوق ذلك السر اللطيف ، وندب العقول إلى الاجابة لذلك المعنى المودع في الذار قبل النسل ، فمن واقفه قبس من لمحات ذلك النور اهتدى إلى السر وانتهى إلى العهد المودع في باطن الامر وغامض العلم ، ومن غمرته الغفلة وشغلته المحنة عشى بصر قلبه عن إدراكه فلايزال ذلك النور ينتقل فينا أهل
____________________
(١) في المصدر « وفيها هيئة نبينا صلىاللهعليهوآله ».