فما قطعكم عنه حجاب ، ولا اغلق عنكم دونه باب ، فإنه لبكل مكان ، وفي كل حين وأوان ، ومع كل إنس وجان ، لا يثلمه العطاء ، ولا ينقصه الحباء (١) ولا يستنفده سائل ، ولا يستقصيه نائل ، ولا يلويه شخص عن شخص (٢) ولا يلهيه صوت عن صوت ولا تحجزه هبة عن سلب ، ولا يشغله غضب عن رحمة ، ولا تولهه رحمة عن عقاب (٣) ولا تجنه البطون عن الظهور ، ولا تقطعه الظهور عن البطون ، قرب فنأى (٤) وعلا فدنا ، وظهر فبطن (٥) وبطن فعلن ، ودان ولم يدن ، لم يذرء الخلق باحتيال ، ولا استعان بهم لكلال (٦).
١٦ ـ وله عليهالسلام من خطبة (٧)
يعلم عجيج الوحوش في الفلوات ، ومعاصي العباد في الخلوات ، واختلاف النينان في البحار الغامرات (٨) ، وتلاطم الماء بالرياح العاصفات.
١٧ ـ وله عليهالسلام من خطبة (٩) تعرف بخطبة الاشباح ، هي من جلائل خطبه.
روى مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد الصادق عليهماالسلام أن رجلا أتى أمير المؤمنين عليا عليهالسلام فقال يا أمير المؤمنين صف لنار بنا لنز داد له حبا وبه معرفة فغضب عليهالسلام
____________________
(١) الحباء : العطاء.
(٢) أى لا يميله أحد من غيره.
(٣) أى لا تغفله ولا تجعله والها متحيرا.
(٤) أى قرب علما وقدرة ولطفا ورحمة فنأى جلالا وعظمة ومجدا.
(٥) أى ظهر سبحانه من حيث الالاء وبطن من حيث الذات « فعلن » أى من حيث السمات و « دان ولم يدن » أى جازى وحاسب ، ولم يحاسبه أحد.
(٦) ذرأ أى خلق ، والاحتيال : التفكر في العمل.
(٧) النهج تحت رقم ١٩٦.
(٨) العجيج رفع الصوت ، والنينان جمع النون وهو الحوت.
(٩) النهج تحت رقم : ٨٨.