منخره ، وتسحق تربته لحمه ، وينشف دمه ، ويرم عظمه ، حتى يوم حشره فينشره من قبره ، وينفخ في صور ، ويدعى لحشر ونشور ، فثم بعثرت قبور ، وحصلت سريرة [ في ] صدور.
وجئ بكل نبي وصديق وشهيد ومنطيق ، وقعد لفصل حكمه قدير (١) ، بعبده خبير بصير ، فكم حسرة تضنيه (٢) في موقف مهيل ، ومشهد جليل ، بين يدي ملك عظيم بكل صغيرة وكبيرة عليم ، فحينئذ يلجمه عرقه ، ويخفره قلقه ، فعبرته غير مرحومة وصرخته غير مسموعة (٣) وبرزت صحيفته ، وتبينت جريرته ، فنظر في سوء عمله (٤) وشهدت عينه بنظره ، ويده ببطشه ، ورجله بخطوه ، وجلده بلمسه ، وفرجه بمسه ، و يهدده منكر ونكير ، وكشف له حيث يصير ، فسلسل جيده ، وغلت يده ، فسيق يسحب وحده.
فورد جهنم بكره شديد ، وظل يعذب في جحيم ، ويسقى شربة من حميم ، تشوي وجهه وتسلخ جلده (٥) يستغيث فيعرض عنه خزنة جهنم ، ويستصرخ فيلبث حقبه بندم ، نعوذ برب قدير من شر كل مصير ، ونسأله عفو من رضي عنه ، ومغفرة من قبل منه وهو ولي مسألتي ، ومنجح طلبتي ، فمن زحزح عن تعذيب ربه جعل في جنته بقربه وخلد في قصور (٦) ونعمه ، وملك بحورعين وحفدة ، وتقلب في نعيم وسقى من تسنيم (٧) مختوم بمسك وعنبر (٨) يشرب من خمر معذوب شربه ، ليس ينزف لبه.
____________________
(١) في بعض نسخ المصدر « قعد وتولى لفصل حكمه عند رب قدير ».
(٢) أى تهزله وتضعفه ، وفى بعض نسخ المصدر « فكم زمرة تغنيه ».
(٣) زاد في كف « وحجته مقبولة ».
(٤) زاد في كف « فنطق كل عضو بسوء عمله ».
(٥) زاد في كف « يضرب زبينه بمقمع من حديد يعود جلده بعد نضجه بجلد جديد » والزبينة : الشرطى.
(٦) زاد في كف « وطيف عليه بكؤوس وسكن حضيرة مشيدة ومكن فردوس ».
(٧) زاد في كف « ويشرب من عين سلسبيل ، ممزوجة بزنجبيل ».
(٨) زاد في كف « مستديم للبحور مستشعر للسرور يشرب من خمور في روض مشرق