بما اشتغلت به (١).
يا أباذر كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك.
يا أباذر هل ينتظر أحد إلا غنى مطغيا ، أو فقرا منسيا ، أو مرضا مفسدا ، أوهرما مفندا (٢) أوموتا مجهزا ، أو الدجال فانه شر غائب ينتظر ، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر.
يا أباذر إن شرالناس منزلة عند الله يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه ، ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح الجنة.
يا أباذر من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة.
يا أباذر إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل : لا أعلمه تنج من تبعة ، ولاتفت بما لا علم لك به تنج من عذاب الله يوم القيامة.
يا أباذر يطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار فيقولون : ما أدخلكم النار وقد دخلنا الجنة لفضل تأديبكم وتعليمكم؟ فيقولون : إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله.
يا أباذر إن حقوق الله جل ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أمسوا وأصبحوا تائبين.
يا أباذر إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة والموت يأتي بغتة ، ومن يزرع خيرا يوشك أن يحصد خيرا ، ومن يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة ، ولكل زارع مثل ما زرع.
يا أباذر لا يسبق بطئ بحظه ، ولا يدرك حريص ما لم يقدرله ، ومن أعطى خيرا
____________________
(١) يعنى واظب نفسك أن لا يدركك الموت حين غفلتك واشتغالك بالدنيا فلاتتمكن من الاقالة والرجعة ووارثك لا يحمدك بما تركت له. ولا يقبل الله العذر منك باشتغالك بامور الدنيا.
(٢) يقال : فند من باب ـ علم ـ خرف وضعف عقله ، وفى المصدر « مقعدا » ، وقوله « مجهزا » أجهز على الجريح شد عليه واتم قتله ، وجهز الميت اعدما يلزمه.