فان الله أعطاه ، ومن وقي شرا فان الله وقاه.
يا أباذر المتقون سادة ، والفقهاء قادة ، ومجالستهم زيادة ، إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه ، وإن الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب مرعلى أنفه.
يا أباذر إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيرا جعل ذنوبه بين عينيه ممثلة والاثم عليه ثقيلا وبيلا (١) وإذا أراد بعبد شرا أنساه ذنوبه.
يا أباذر لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى من عصيت.
يا أباذر إن نفس المؤمن أشد ارتكاضا من الخطيئة من العصفور حين يقذف به في شركه (٢).
يا أباذر من وافق قوله فعله فذاك الذي أصاب حظه ، ومن خالف قوله فعله فإنما يوبخ نفسه (٣).
يا أباذرإن الرجل ليحرم رزقه بالذنب يصيبه.
يا أباذر دع مالست منه في شئ ، ولا تنطق فيما لايعنيك ، واخزن لسانك كما تخزن ورقك.
يا أباذر إن الله جل ثناؤه ليدخل قوما الجنة فيعطيهم حتى يملوا ، وفوقهم قوم في الدرجات العلى فاذا نظروا إليهم عرفو هم فيقولون : ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا فبم فضلتهم علينا؟ فيقال : هيهات هيهات إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ، ويظمأون حين تروون ، ويقومون حين تنامون ، ويشخصون حين تحفظون.
يا أباذر جعل الله جل ثناؤه قرة عيني في الصلاة وحبب إلي الصلاة كما حبب إلى الجائع الطعام وإلى الظمآن الماء ، وإن الجائع إذا أكل شبع وإن
____________________
(١) الوبيل الوخيم وزنا ومعنى.
(٢) الارتكاض : الاضطراب ، وارتكض الرجل في أمره تقلب فيه وحاوله. والشرك ـ محركة ـ حبالة الصيد. (٣) اى عابها ولامها.