أحمق الناس من طلب الدنيا. قال الله تعالى : « اعلموا أنما الحيوة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الاموال والاولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتريه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد » (١) قال الله تعالى « وآتيناه الحكم صبيا » (٢) يعني الزهد في الدنيا وقال الله تعالى لموسى يا موسى إنه لن يتزين المتزينون بزينة أزين في عيني مثل الزهد ، يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت عقوبته.
يا ابن مسعود قول الله تعالى « ولولا أن يكون الناس امة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون * ولبيوتهم أبوابا و سررا عليها يتكؤن * وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحيوة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين » (٣) وقوله : « من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ثم جعلنا له جهنم يصليها مذموما مدحورا * ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها و هو مؤمن فاولئك كان سعيهم مشكورا » (٤).
يا ابن مسعود من اشتاق إلى الجنة سارع في الخيرات ، ومن خاف النار ترك الشهوات ، ومن ترقب الموت أعرض عن اللذات ، ومن زهد في الدنيا هانت عليه المصيبات.
يا ابن مسعود قوله تعالى « زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة ـ الآية » (٥).
يا ابن مسعود إن الله اصطفى موسى بالكلام والمناجاة حين ترى خضرة البقل من بطنه من هزاله (٦) وما سأل موسى حين تولى إلى الظل إلا طعاما
____________________
(١) الحديد : ١٩.
(٢) مريم : ١٣.
(٣) الزخرف : ٣٢ ـ ٣٤.
(٤) الاسراء : ١٩ و ٢٠.
(٥) آل عمران : ١٢.
(٦) الهزال : قلة اللحم والشحم ، نقيض السمن.