له : يرحمك الله هل شيعت الجنازة بنار ويمشى معها بمجمرة وقنديل أو غير ذلك مما يضاء به؟ قال : فتغير لون أبي عبدالله عليهالسلام من ذلك ، ثم ساق الحديث الطويل فيما جرى بين فاطمة والظالمين الملعونين إلى أن قال :
فلما نعيت إلى فاطمة عليهاالسلام نفسها ، أرسلت إلى أم أيمن وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها ، فقالت : يا أم أيمن إن نفسي نعيت إلي فادعي لي عليا فدعته لها ، فلما دخل عليها قالت له : يا ابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها علي فقال لها : قولي ما أحببت ، قالت له : تزوج فلانة تكون لولدي من بعدي مثلي ، واعمل نعشي رأيت الملائكة قد صورته لي (١) فقال لها علي : أريني كيف صورته ، فأرته ذلك كما وصف لها ، وكما أمرت به ، ثم قالت فاذا أنا قضيت نحبي فأخرجني من ساعتك اي ساعة كانت من ليل أو نهار ، ولا يحضرن من أعداء الله وأعداء رسوله للصلاة علي ، قال علي عليهالسلام أفعل.
فلما قضت نحبها صلى الله عليها وهم في جوف الليل ، أخذ علي عليهالسلام في جهازها من ساعته كما أوصته ، فلما فرغ منجهازها أخرج علي عليهالسلام الجنازة وأشعل النار في جريد النخل ، ومشى مع الجنازة بالنار ، حتى صلى عليها ، و دفنها ليلا إلى آخر ما مر في أبواب أحوالها عليهاالسلام (٢).
تبيين : يدل على استحباب إتباع الجنازة بالسراج إذا كان بالليل ، وربما يوهم جواز استحباب الجمرة أيضا لكنه ليس إلا في كلام السائل ، وجوابه عليهالسلام مقصور على السراج ، قال في الذكرى : يكره الاتباع بنار إجماعا ، ولو كان ليلا جاز المصباح ، لقول الصادق عليهالسلام أن ابنة رسول الله أخرجت ليلا ومعها مصابيح.
ويدل على نفي ما ذهب إليه الحسن من العامة من عدم جواز الدفن ليلا
____________________
(١) قد مر آنفا ان التي وصفت النعش لها (ع) هي اسماء بنت أبي عميس ، وبعد ما عرفت أنها دفنت في بيتها ، لم يكن لهذا المقال مجال.
(٢) علل الشرايع ج ١ ص ١٧٧ ١٨٠ ، وقد مر تمامها في ج ٤٣ ص ٢٠٦٢٠١.