كلام البلغاء او على حذف مضاف ، أي مواضع الصلاة ، والمعنى والله أعلم : لا تقربوا المساجد في حالتين إحداهما حالة السكر ، فان الاغلب أن الذي يأتي المسجد انما يأتيه للصلاة ، وهي مشتملة على أذكار وأقوال يمنع السكر من الاتيان بهاعلى وجهها ، والحالة الثانية حالة الجنابة ، واستثني من هذا الحالة ما إذا كنتم عابري سبيل اي مارين في المسجد ، ومجتازين فيه ، والعبور الاجتياز ، و السبيل الطريق.
الثاني ما نقله بعض المفسرين عن ابن عباس وسعيد بن جبير ، وربما رواه بعضهم عن أمير المؤمنين عليهالسلام وهوأن المراد والله أعلم : لا تصلوا في حالين : حال السكر وحالة الجنابة ، واستثني من حال الجنابة ما إذا كنتم عابري سبيل أي مسافرين غير واجدين للماء ، كما هو الغالب من حال المسافرين ، فيجوز لكم حينئذ الصلاة بالتيمم الذي لا يرتفع به الحدث ، وإنما يباح به الدخول في الصلاة.
____________________
لما صح عنه عليه الصلاة والسلام « نزل القرآن على سبعة أحرف فاقرؤا ما تيسر منه » و من الحروف المحتملة في الاية قراءة الصلاة بضم الصاد واللام أو بضم الصاد وفتح اللام مفردا أوجمعا ومطلع ذلك قوله تعالى في سورة الحج : ٤٠ « لهدمت صوامع وبيع و صلوة ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا » ، فان المقطوع فيها أن المراد بالصلاة مواضع الصلاة حقيقة أو مجازا على الخلاف فيه.
ولا يذهب عليك أن هذا الحرف لا يناقض الحرف المشهور عند العامة ، بل كل الحروف السبعة كذلك لا ينقض بعضها بعضا ، الا أن بعضها مستور وبعضها مشهور ، فالاحكام المذكورة للصلاة في هذه الاية ثابتة بكلا الحرفين : الصلاة بمعنى الماهية المجعولة عبادة ، والمصلى الذي تقام فيها تلك العبادة وهي المساجد ، ولذلك جيئ في الاستثناء بلفظ يوافق كلا المعنيين ، ولو قال بدل قوله « الا عابرى سبيل » : « الا مسافرين » لم يوافق الصلاة بمعنى المساجد ، كما هو ظاهر. وسيجئ تتمة البحث في باب التيمم عند تعرض المؤلف لذيل الاية الشريفة ان شاء الله تعالى.