عباس أن معناه من حيث أمركم الله بتجنبه حال الحيض ، وهو الفرج ، وعن ابن الحنفية أن معناه من قبل النكاح دون السفاح ، وعن الزجاج معناه من الجهات التي يحل فيها الوطي ، لا ما لا يحل ، كوطيهن وهن صائمات أو محرمات أو معتكفات ، والاول مختار الطبرسي رحمهالله « إن الله يحب التوابين » اي عن الذنوب « ويحب المتطهرين » اي المتنزهين عن الاقذار كمجامعة الحايض مثلا وقيل التوابين عن الكبائر والمتطهرين عن الصغاير ، وقد مر تأويل آخر في صدر كتاب الطهارة.
والحرث قد يفسر بالزرع تشبيها لما يلقى في أرحامهن من النطف بالبذر وقال أبوعبيدة كنى سبحانه بالحرث عن الجماع اي محل حرث لكم ، وقد جاء في اللغة الحرث بمعنى الكسب ، ومن هنا قال بعض المفسرين معنى حرث لكم أي ذوات حرث تحرثون منهن الولد واللذة.
وقوله سبحانه : « أنى شئتم » قد اختلف في تفسيره ، فقيل : معناه من أي موضع شئتم ، ففيها دلالة على جواز إتيان المرأة في دبرها ، وعليه أكثر علمائنا ووافقهم مالك ، وسيأتي تحقيق المسألة في كتاب النكاح إنشاء الله وقيل معناه من أي جهة شئتم لما روي من أن اليهود كانوا يقولون من جامع امرأته من دبرها في قبلها يكون ولدها أحول فذكر ذلك النبي صلىاللهعليهوآله فنزلت.
وقيل : معناه متى شئتم ، واستدل به على جواز الوطي بعد انقطاع الحيض وقبل الغسل لشموله لفظة أنى جميع الاوقات إلا ما خرج بدليل كوقت الحيض والصوم ، واعترض على هذا الوجه بأن القول بمجئ أنى بمعنى متى يحتاج إلى شاهد ، ولم يثبت ، بل قال الطبرسي رحمهالله أنه خطأ عند اهل اللغة.
« وقدموا لانفسكم » (١) اي قدموا الاعمال الصالحة التي أمرتم بها ،
____________________
(١) يقال : قدم له كذا ، اذا هيأه نزلا وتسبب في تهيئته كما في قوله تعالى ص : ٦١ « قالوا ربنا من قدم لنا هذه فزده عذابا ضعفا من النار » والمعنى بقرينة ما سبقه من