٢٠
( باب النوادر )
١ ـ نهج البلاغة ، من كلام له عليهالسلام بعد تلاوته « أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ ».
يا له مراما ما أبعده وزورا ما أغفله وخطرا ما أفظعه لقد استخلوا منهم أي مدكر وتناوشوهم من مكان بعيد أفبمصارع آبائهم يفخرون أم بعديد الهلكى يتكاثرون يرتجعون منهم أجسادا خوت وحركات سكنت ولأن يكونوا عبرا أحق من أن يكونوا مفتخرا ولأن يهبطوا بهم جناب ذلة أحجى من أن يقوموا بهم مقام عزة.
لقد نظروا إليهم بأبصار العشوة وضربوا منهم في غمرة جهالة ولو استنطقوا عنهم عرصات تلك الديار الخاوية والربوع الخالية لقالت ذهبوا في الأرض ضلالا وذهبتم في أعقابهم جهالا تطئون في هامهم وتستثبتون في أجسادهم وترتعون فيما لفظوا وتسكنون فيما خربوا وإنما الأيام بينهم وبينكم بواك ونوائح عليكم.
أولئكم سلف غايتكم وفراط مناهلكم الذين كانت لهم مقاوم العز وحلبات الفخر ملوكا وسوقا سلكوا في بطون البرزخ سبيلا سلطت الأرض عليهم فيه فأكلت من لحومهم وشربت من دمائهم فأصبحوا في فجوات قبورهم جمادا لا ينمون وضمارا لا يوجدون ـ لا يفزعهم ورود الأهوال ولا يحزنهم تنكر الأحوال ولا يحفلون بالرواجف ولا يأذنون للقواصف.
غيبا لا ينتظرون وشهودا لا يحضرون وإنما كانوا جميعا فتشتتوا وألافا فافترقوا وما عن طول عهدهم ولا بعد محلهم عميت أخبارهم وصمت ديارهم ولكنهم سقوا كأسا بدلتهم بالنطق خرسا وبالسمع صمما وبالحركات سكونا