أو تكون كان زائدة في تلك المواضع كما في قوله تعالى عز وجل « وَكانَ اللهُ عَلِيماً
__________________
لان شأنه الوفود إلى الله مرة أو أزيد.
وانما تعرضت الآية لهذا الشأن تعليلا لحكم صدر الآية ، وصدر الآية في هذا البحث قوله تعالى : « وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ » أى سافرتم « فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا » أى شأنهم أن يكونوا لكم « عَدُوًّا مُبِيناً » ثم تتعرض الآية لبيان هذه الصلاة ـ صلاة الخوف وكيفية تخفيفها ، فقال : « وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ » الى آخر الآية التي نبحث عنها في موضعها.
ثم قال : « فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ » أى إذا أردتم أن تقضوا وتؤدوا هذه الصلاة صلاة الخوف بأنفسكم فرادى من دون جماعة ـ وهو ما إذا كنتم في حال لا يمكنكم الاجتماع والتؤدة ـ « فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ » أى فلا يجب عليكم أن تأتوا بالصلاة على الكيفية المخصوصة ولا أن تنزلوا عن مراكبكم ، بل اذكروا الله وتوجهوا إليه على أى حالة مع حالات الخوف كنتم قائمين في مقابلهم ، أو قاعدين للرصد أو الاستراحة ، أو مضطجعين مختفين ، فاذكروا الله وحده من دون ركوع وسجود فان ذكركم هذه يتقبل عوضا عن صلاتكم المعهودة بل هو الوظيفة في هذا الظرف « فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ » أى حتى إذا اطمأننتم من العدو ، وارتفع حالة الخوف من الافتتان « فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ » كما علمكم الله فوزان هذه الآية وزان قوله تعالى في آية البقرة : ٢٣٩ « فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ».
كل هذا لان « الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً » أي مكتوبا عليهم كالدين في أوقاتها كلما حل وقت يجب أداء ما افترض وكتب ، لا يسقط في حال من الأحوال ، حتى في حال الخوف من العدو أن يفتنكم ، لكنها مقتصرة ، ولو مضى وقت أدائها وجب قضاؤها خارج الوقت ـ ولو انقضى أجلكم وجب على وليكم الذي يقضى ديونكم من أموالكم أن يقضى هذا الدين عنكم ، فانها « كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً ».