[ الفصل الخامس ]
( هـ ) فصل
في الدلالة على الموجود والشيء وأقسامهما الأول ، بما يكون فيه
تنبيه على الغرض
فنقول : إن الموجود ، والشيء ، والضروري ، معانيها ترتسم في النفس ارتساما أوليا ، ليس ذلك (١) الارتسام مما يحتاج إلى (٢) أن يجلب بأشياء أعرف منها. فإنه كما أن في باب التصديق (٣) مبادئ أولية ، ويقع التصديق بها لذاتها ، ويكون التصديق بغيرها ، بسببها ، وإذا لم يخطر بالبال أو لم يفهم اللفظ الدال عليها ، لم يمكن التوصل إلى معرفة ما يعرف بها ، وإن لم يكن التعريف الذي يحاول إخطارها بالبال أو تفهيم ما يدل به عليها من الألفاظ محاولا لإفادة علم ليس في الغريزة ، بل منبها (٤) على تفهيم (٥) ما يريده القائل ويذهب إليه. وربما كان ذلك بأشياء هي في نفسها أخفى من المراد تعريفه ، لكنها لعلة ما وعبارة ما صارت أعرف. كذلك في التصورات أشياء هي مبادئ للتصور ، وهي متصورة لذواتها (٦) ، وإذا أريد أن يدل عليها لم يكن ذلك بالحقيقة تعريفا لمجهول (٧) ، بل تنبيها وإخطارا بالبال ، باسم أو بعلامة ، ربما (٨) كانت في نفسها أخفى منه (٩) ، لكنها لعلة ما وحال ما تكون أظهر دلالة.
فإذا استعملت تلك العلامة تنبهت النفس على إخطار ذلك المعنى بالبال ، من حيث أنه هو المراد لا غيره ، من غير أن تكون العلامة بالحقيقة معلمة
__________________
(١) ذلك : ساقطة من ط ، طا
(٢) إلى : ساقطة من ب ، م
(٣) التصديق : التصديقات ط
(٤) منبها : منتهيا ح
(٥) تفهيم : تفهم م
(٦) لذواتها : بذواتها ص
(٧) لمجهول : لمحمول بخ
(٨) ربما : وربما بخ
(٩) منه : منها ط.