[ الفصل الثامن ]
( ح ) فصل
في بيان الحق ، والصدق ، والذب عن أول الأقاويل (١) ،
في المقدمات الحقة
أما الحق فيفهم منه الوجود في الأعيان مطلقا ، ويفهم منه الوجود الدائم ، ويفهم منه حال القول أو العقد الذي يدل على حال الشيء في الخارج إذا كان مطابقا له ، فنقول : هذا قول حق ، وهذا اعتقاد حق. فيكون الواجب (٢) الوجود هو الحق بذاته دائما ، والممكن الوجود حق بغيره ، باطل في نفسه. فكل ما سوى الواجب الوجود الواحد باطل في نفسه.
وأما الحق من قبل المطابقة فهو كالصادق ، إلا أنه صادق فيما أحسب باعتبار نسبته إلى الأمر ، وحق باعتبار نسبة الأمر إليه.
وأحق الأقاويل أن يكون حقا ما كان صدقه دائما ، وأحق ذلك ما كان صدقه أوليا ليس لعلة.
وأول كل الأقاويل الصادقة الذي ينتهي إليه كل شيء في التحليل ، حتى أنه يكون مقولا بالقوة أو بالفعل في كل شيء يبين (٣) أو يتبين به ، كما بيناه (٤) في كتاب البرهان ، هو أنه : لا واسطة بين الإيجاب والسلب. وهذه الخاصة ليست من عوارض شيء إلا من عوارض الموجود بما هو موجود ، لعمومه في كل موجود.
__________________
(١) الأقاويل : الأوائل م.
(٢) الواجب : واجب ج ، ص.
(٣) يبين : يتبين م
(٤) بيتاه : بيانه م.