كونه واجب الوجود ، غير كونه هو بعينه ، فمقارنة واجب الوجود لأنه هو بعينه ، إما أن يكون أمرا لذاته ، أو لعلة وسبب (١) موجب غيره. فإن كان لذاته ، ولأنه واجب الوجود ، فيكون كل ما هو واجب الوجود هذا بعينه ، وإن كان لعلة وسبب موجب غيره ، فلكونه هذا بعينه سبب ، فلخصوصية وجوده المنفرد سبب ، فهو معلول.
فإذن واجب الوجود واحد بالكلية ليس كأنواع تحت جنس ، وواحد بالعدد ليس كأشخاص تحت نوع ، بل معنى شرح اسمه له فقط ، ووجوده غير مشترك فيه. وسنزيد هذا إيضاحا في موضع (٢) آخر. فهذه الخواص التي يختص بها واجب الوجود.
وأما الممكن الوجود ، فقد تبين من ذلك خاصيته (٣) وهو أنه يحتاج ضرورة إلى شيء آخر يجعله بالفعل موجودا. وكل ما هو ممكن الوجود فهو دائما ، باعتبار ذاته ، ممكن الوجود ، لكنه ربما عرض أن يجب وجوده بغيره ، وذلك إما أن يعرض له دائما ، وإما أن يكون وجوب وجوده عن غيره ليس دائما ، بل في وقت دون وقت. فهذا يجب أن يكون له مادة تتقدم وجوده بالزمان ، كما سنوضحه.
والذي يجب وجوده بغيره (٤) دائما ، فهو أيضا غير بسيط الحقيقة. لأن الذي له باعتبار ذاته ، غير الذي له من غيره ، وهو حاصل الهوية منهما جميعا في الوجود ، فلذلك لا شيء غير واجب الوجود تعرى عن ملابسة ما بالقوة والإمكان باعتبار نفسه ، وهو الفرد ، وغيره زوج تركيبي.
__________________
(١) وسبب : أو سبب م.
(٢) موضع : مواضع ب.
(٣) خاصيته : خاصته ب ، ط.
(٤) بغيره : لغيره ص ، ط.