وتأتي الاولى فيقضون ركعة بغير قراءة لانهم لاحقون ، ويسلمون يرجعون إلى وجه العدو ، وتأتي الثانية ويقضون ركعة بقراءة لانهم مسبوقون عن ابن مسعود ، وهو مذهب أبي حنيفة.
فالسجود في قوله ( فاذا سجدوا ) على ظاهره عند أبي حنيفة ، وعلى قولنا والشافعي بمعنى الصلاة ، أو التقدير وأتموا بقرينة ما بعده ، وهو وإن كان خلاف ظاهره من وجه ، إلا أنه أحوط للصلاة ، وأبلغ في حراسة العدو ، وأشد موافقة لظاهر القرآن ، لان قوله : ( ولتأت طائفة اخرى لم يصلوا ) ظاهره أن الطائفة الاولى قد صلت ، وقوله : ( فليصلوا معك ) مقتضاه أن يصلوا تمام الصلاة ، فالظاهر أن صلاة كل طائفة قد تمت عند تمام صلاته ، وأيضا الظاهر أن المراد الاية بيان صلاة الطائفتين ، وذلك يتم على ما قلناه بأدنى تقدير أو تجوز ، بخلافه على قوله ، و قول حذيفة وابن الجنيد في ذلك كقولنا إذ لابد بعد الركعة من التشهد والتسليم ، نعم التجوز حينئذ أقرب من التجوز على ما قلناه.
قيل : وربما يمكن حمل الاية على ما يعم الوجوه حتى صلاة بطن النخل ، وهو في غاية البعد مع مخالفته للروايات وأقوال الاصحاب فيها.
( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) أي الطائفة الثانية في صلاتهم ، وقد جعل الحذر وهو التحرز والتيقظ آلة تستعملها الغازي ، فجمع بينه وبين الاسلحة في الاخذ وجعلا مأخوذين مبالغة.
( ود الذين كفروا ) أي تمنوا ( لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ) أي يحملون عليكم حملة واحدة ، وفيه تنبيه على وجه وجوب أخذ السلاح.
قال في مجمع البيان : (١) في الاية دلالة على صدق النبي صلىاللهعليهوآله وصحة نبوته
____________________
(١) مجمع البيان ج ٣ ص ١٠٣ وترى مثله في الدر المنثور ج ٢ ص ٢١١ قال : أخرج الترمذى وصححه وابن جرير عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله نزل بين ضجنان و عسفان وذكر مثله.