يعلم أنه لايقيم أو يكون في عزمه الخروج من الغد ، ويكون هذا مما يختص به هذان الموضعان ويتميزان به عن ساير البلاد ، لان ساير المواضع متى عزم الانسان فيها على المقام عشرة أيام وجب عليه الاتمام. ومتى كان دون ذلك وجب عليه التقصير.
والذى يكشف عن هذا المعنى ما رواه (١) محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عبدالجبار ، عن علي بن مهزيار ، عن محمد بن إبراهيم الحضينى قال : استأمرت أبا جعفر عليهالسلام في الاتمام والتقصير قال : إذا دخلت الحرمين فانوا عشرة أيام وأتم الصلاة فقلت له : إني أقدم مكة قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة ، قال : انو مقام عشرة أيام وأتم الصلاة.
وأقول : هذا غريب إذ ظاهر كلامه قدس سره أنه يعزم على إقامة العشرة وإن علم الخروج قبل ذلك ، ولا يخفى أن هذا العلم ينافي ذلك العزم ، إلا أن يقال : أراد بالعزم محض الاخطار بالبال ، ولايخفى مافيه.
وأما الخبر فيمكن أن يكون المراد به العزم على العشرة متفرقا قبل الخروج إلى عرفات وبعده (٢) ويكون هذا من خصائص هذا الموضع أو العزم على الاقامة في مكة ونواحيها إلى عرفات (٣) ويمكن أن لا يكون هذا من الخصائص وإن كان خلاف المشهور كما عرفت سابقا ، ويمكن حمل كلام الشيخ على أحد هذين المعنيين وإن كان بعيدا.
____________________
(١) المصدر نفسه.
(٢) لكنه أيضا غريب كما استغرب كلام الشيخ قدس سره.
(٣) وهذا أغرب من الاول ، فان أهل مكة يتمون في مكة وعليهم التقصير في سفرهم إلى عرفات كما قال عليهالسلام ويحهم وأى سفر أشد من هذا ، فكيف يصح قصد الاقامة في مكة وعرفات؟
وجه الحديث أن أبا جعفر عليهالسلام كان يحب الحضينى ( وهو الذى
قال أبو
جعفر عليهالسلام في حقه : رحمه
الله انه كان من خصيص شيعتى ) فأراد أن يوفقه لاتمام