الصيرورة ومنه « إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون » (١) أي صيرناهم ، ويكون جعل بمعنى عمل وهيأ كقوله : جعلت الشئ بعضه فوق بعض ، ويكون بمعنى الوصف ، ومنه قوله تعالى « وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا » (٢) أي وصفوهم بذلك ، وبمعنى الخلق كقوله : « وجعلنا من الماء كل شئ حي » (٣) وبمعنى الرؤية ، وبمعنى الحكم والاعتقاد ، وبمعنى الانشاء والحدوث كقوله « وجعل الظلمات والنور » (٤) والضياء هو أعظم من النور.
وفي شرح النهج للشيخ مقداد أن الضوء ما كان عن ذات الشئ كالنار والشمس والنور ما كان مكتسبا من غيره كاستنارة الجدار بالشمس ، ومنه قوله « جعل الشمس ضياء والقمر نورا » (٥).
« وخلقت بها الكواكب ـ إلى قوله ـ ورجوما » هذا في علم البديع يسمى التقسيم وهو استيفاء أقسام الشئ فانه عليهالسلام قسم الكواكب إلى النجوم والبروج والمصابيح والزينة والرجوم ، فاستوفى أقسامها ، فان قيل إن من الكواكب ما يهتدى بها لقوله تعالى « وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها » (٦) ومنها ما يحفظ بها من استراق السمع لقوله تعالى : « وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا » (٧) ولم يذكر هذان في قسم الكواكب؟ قلت : الاولى داخلة في لفظي النجوم والمصابيح ، و الثانية في لفظ الرجوم.
« وجعلت لها مشارق ومغارب » أي مختلفة بحسب الفصول والايام فتخص
____________________
(١) الاعراف : ٢٧.
(٢) الزخرف : ١٩.
(٣) الانبياء : ٣٠.
(٤) الانعام : ١.
(٥) يونس : ٥.
(٦) الانعام : ٩٧.
(٧) فصلت : ١٢.