السيارة أو الاعم فتعم ، وقال الكفعمي : المراد بها هنا السيارة التي تطلع كل يوم من مشرق وتغرب في مغرب وإنما ابتدأ بذكر المشارق إتباعا للفظ التنزيل في قوله « فلا اقسم برب المشارق والمغارب » (١) ولان الشروق قبل الغروب ، وقوله : « رب المشرقين ورب المغربين » (٢) المشرقان مشرقا الصيف والشتاء فمشرق الشتاء مطلع الشمس في أقصر يوم من السنة ، ومشرق الصيف مطلعها في أطول يوم من السنة والمغربان على نحو ذلك ، ومشارق الايام ومغاربها في جميع السنة من هذين المشرقين والمغربين انتهى وفيه ما لا يخفى ، والمقصود ظاهر.
« وجعلت لها مطالع ومجاري ، وجعلت لها فلكا ومسابح » المسابح هي المجاري ، وكرر لضرب من التأكيد واختلاف اللفظين ، قال الشاعر وألفى قولها كذبا ومينا ، ومسبح الفرس جريه وقوله تعالى « كل في فلك يسبحون » (٣) أي يجرون والفلك مدار النجوم الذي يضمها يسمى فلكا لا ستدارته ، ومنه فلكة المغزل ، و الفلكة أيضا القطعة المستديرة من أرض أو رمل انتهى.
وأقول : يمكن أن يكون الجاري إشارة إلى الحركة اليومية ، والمسابح إلى الحركات الخاصة ، فلا يكون تأكيدا وكذا تكرير المشارق والمطالع يحتمل أن يكون لذلك.
« وقدرتها في السماء منازل » اقتباس من قوله تعالى « والقمر قدرناه منازل » (٤) أي قدرنا مسيره منازل أي سيره ومنازل إشارة إلى المنازل المعروفة للقمر وهي ثمانية وعشرون ، فالمعنى أنك قدرت تلك الكواكب لقربها وبعدها ، والاشكال الحاصلة منها منازل للقمر ، والتصوير إما لكل كوكب بحسب صغره وكبره ونوره وشكله أو لمجموع الصور الحاصلة من انضمام بعضها على بعض على ما هو المقرر عند أصحاب
____________________
(١) المعارج : ٤٠.
(٢) الرحمن : ١٧.
(٣) الانبياء : ٣٣.
(٤) يس : ٣٩.