العمق الاكبر الذي تحت التخوم الارضية وذكر ركود البحار والانهار وخضوع الرياح وخمود النيران له تعالى دليل على كمال جماله وجمال كماله.
وفي اللوامع أن هذه المذكورة هي البسائط الاربع : النار والهواء والماء والارض وكل منها محيط بالاخر والمركبات تخلق عن امتزاجها.
واعلم أن العمق الاكبر إشارة إلى العنصر الترابي والبحار والانهار إلى المائي ; والرياح إلى الهوائي ، والنيران إلى الناري ، وهذا يسمى في علم البديع بالترتيب ، وهو أن يعمد الشاعر أو الناثر إلى أوصاف شتى وموصوف واحد ، فيوردها على ترتيبها في الخلقة الطبيعة.
« وبسلطانك الذي عرفت لك به الغلبة دهر الدهور » قال : السلطان مأخوذ من السلاطة وهي القهر ، وهو فعلان يذكر ويؤنث ويجمع ، والسلطان أيضا الحجة والبرهان وهو المعنى المراد هنا ولم يجمع لاجرائه مجرى المصدر ، وكل سلطان في القرآن فمعناه الحجة النيرة ، واشتقاقه قيل من السليط وهو دهن الزيت لاضاءته ، والمراد بدهر الدهور هنا هو الابد الذي لا ابتداء له ولا نهاية ، والمعنى أنه عليهالسلام أقسم عليه سبحانه بحجته وبرهانه الغالبة أبد الدهر.
« تجليت به للجبل » قال : التجلي هنا عبارة عن ظهور اقتدراه تعالى للجبل ، وتصدي أمره وإرادته « فجعلته دكا » أي مدكوكا وهو مصدر بمعنى مفعول ، وقال العزيزي دكا أى مدكوكا أي مستويا مع وجه الارض ، ومنه يقال ناقة دكاء إذا كانت مستوية السنام ، وأرض دكاء أي ملساء ، وقرئ دكاء بالمد والهمزة من غير تنوين والدكاء الربوة الناشزة من الارض لا تبلغ أن تكون جبلا ، وأصل الدك الكسر.
« وخر موسى صعقا » أي خر مغشيا عليه غشية كالموت من هول ما رأى وفي الدرر والغرر أنه لما ظهر نوره تعالى للجبل جعله دكا أي مستويا من الارض وقيل ترابا وقيل ساخ في الارض ، وقيل بقي أربع قطع واحدة بالمشرق واخرى بالمغرب وواحدة بالبحر واخرى صارت رملا ، وقيل صارت ستة أجبل بالمدينة ثلاثة : احد وورقان ورضوى ، وبمكة ثلاثة : ثور وثبير وحرى ، روي ذلك عن النبي صلىاللهعليهوآله.