أم لأنّه جدّ لبني العباس الذين حكموا المسلمين أكثر من خمسمائة عام ، فصار سماسرة الحديث يضعون الأحاديث على لسانه تزلفاً إلى أبنائه؟
أم لا هذا ولا ذاك ، ولكن الرجل كان شوكة في عيون الأمويين ، فصار أنصارهم مِن بعدهم يشوّهون تاريخه بمفتريات من عندهم؟
كلّ هذا وغيره محتمل ، فعلينا الآن إلى عرض المشكلة بجميع أبعادها أوّلاً ، وبعد ذلك نبحث عن الجواب للحلّ المناسب ، ومن ثَمّ لابد لنا من أن نلج باب التاريخ الموصد على ما فيه من التشويه والتمويه ، لغرض التنبيه والتنويه ، ولرفع الضبابية عما يرويه ، وأخيراً إلى بعض ما أخترته من مروياته حسب تجريدي لها من الشوائب ، ناقلاً لها من أقرب المصادر إليه زماناً ومكاناً.
فهذه أربع محطات ـ إن صح التعبير ـ يلزمنا المرور بها ، والوقوف عندها ، لإستيعاب ما فيها ، وهي كما يلي :
١ ـ عرض المشكلة بجميع أبعادها.
٢ ـ الحلّ المناسب في جواب المشكلة.
٣ ـ مع التأريخ على ما فيه.
٤ ـ منتخب بعض الآثار والأخبار من مرويات ابن عباس رضي الله عنه.
وربّما طال الوقوف حتى يخيّل للقارئ الخروج عن الموضوع ، أو إطالة بلا طائل ، وليس كذلك ، بل نقف ما استدعى المقام ذلك وإن طال ، ونطوي المراحل حسب مقتضيات الحال.