السادسة : ( محمد بن سعد ... عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : لمّا أوثقهن ذبحهنّ ثم جعل على كلّ جبل منهن جزءاً ... ) (١).
هذه هي الروايات التي ذكرها ابن جرير في تفسير الآية الكريمة ، وأنت تجد أربعاً منها متفقة في معنى ( فَصُرْهُنَّ ) ، ففي الرواية الأولى ( فشقّقهن ) ، وفي الثانية والثالثة ( قطعهن ) ، وفي الخامسة عن أبي حمزة اجعلهن في أرباع الدنيا ، وهذا من تتمة روايته الأولى التي هي بحسب التسلسل الثانية ، وقد مرت ، وفيها : ( قطعهنّ ).
أمّا روايتا محمد بن سعد ... عن أبيه ، عن ابن عباس ، ففي أوّلاهما : ( فَصُرْهُنَّ ) أوثقهن ، وفي ثانيتها : ( لمّا أوثقهنّ ذبحهنّ ، ثم جعل على كلّ جبل منهن جزءاً ) ، فكلتا هاتين الروايتين في معناهما لا يناقضان معنى مع ما مرّ ، وإن اختلفت ألفاظهما ، فأين التناقض المزعوم؟
على إنّا لا ننكر وجود روايات متنافية وأخرى موضوعة على ابن عباس رضي الله عنه مروية عن بعض أصحابه عنه ، كما ستأتي شواهد على ذلك عن عكرمة البربري الخارجي في الحلقة الرابعة إن شاء الله تعالى.
أمّا ما ذكره بقوله : ( وابن عباس كان من نسله الخلفاء العباسيون يتقرب إليهم بكثرة المروي عن جدّهم ) ، فهذه على عمومها دعوى تحتاج إلى برهان ، وأدلة الإثبات قاصرة ، فهي مجرد احتمال ، ولم يبين لنا أحمد أمين كيف يكون المنشأ أنّ الخلفاء العباسيين من نسله ، فيتقرب إليهم بكثرة المروي. ولم يأت بشاهد على ذلك!
____________________
(١) نفس المصدر.