كراهة قتل مثل البرغوث بالنار ، وفيه نسخ السنة بالسنة وهو اتفاق ، وفيه مشروعية توديع المسافر لأكابر أهل بلده وتوديع أصحابه له أيضاً ، وفيه جواز نسخ الحكم قبل العمل به أو قبل التمكن من العمل به وهو اتفاق إلاّ عن بعض المعتزلة فيما حكاه أبو بكر بن العربي ، وهذه المسألة غير المسألة المشهورة في الأصول في وجوب العمل بالناسخ قبل العلم به ، وقد تقدم شيء من ذلك في أوائل الصلاة في الكلام على حديث الإسراء ، وقد اتفقوا على أنّهم إن تمكنوا من العلم به ثبت حكمه في حقهم اتفاقاً ، فإن لم يتمكنوا فالجمهور انّه لا يثبت ، وقيل يثبت في الذمة كما لو كان نائماً ولكنه معذور.
( قوله : عن أيوب ) ، صرّح الحميدي عن سفيان بتحديث أيوب له به.
( قوله : إنّ عليّاً حرّق قوماًَ ) ، في رواية الحميدي المذكورة : ( إنّ عليّاً أحرق المرتدين ) يعني الزنادقة ، وفي رواية ابن أبي عمر ومحمد بن عباد عند الإسماعيلي ، جميعاً عن سفيان : قال : رأيت عمرو بن دينار وأيوب وعماراً الدهني اجتمعوا فتذاكروا الذين حرقهم عليّ ، فقال أيوب فذكر الحديث ، فقال عمار : لم يحرقهم ولكن حفر لهم حفائر وخرق بعضها إلى بعض ثم دخن عليهم ، فقال عمرو بن دينار : قال الشاعر :
لترم بي المنايا حيث شاءت |
|
إذا لم ترم بي في الحفرتين |
إذا ما أججّوا حطبا ونارا |
|
هناك الموت نقدا غير دين |
انتهى. وكأنّ عمرو بن دينار أراد بذلك الردّ على عمّار الدهني في إنكاره أصل