( والغرض منها قوله ـ إن استطاعوا ـ ( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ... ) إلى آخرها. فإنّه يقيّد مطلق ما في الآية السابقة ( من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ... ) إلى آخرها.
قال ابن بطال : اختلف في استتابة المرتد ، فقيل يستتاب فإن تاب وإلاّ قتل وهو قول الجمهور ، وقيل يجب قتله في الحال ، جاء ذلك عن الحسن وطاووس وبه قال أهل الظاهر.
قلت : ونقله ابن المنذر عن معاذ وعبيد بن عميرٌ وعليه يدل تصرف البخاري فإنّه استظهر بالآيات التي لا ذكر فيها للإستتابة ، والتي فيها أنّ التوبة لا تنفع ، وبعموم قوله : ( مَن بدّل دينه فاقتلوه ) ، وبقصة معاذ التي بعدها ولم يذكر غير ذلك.
قال الطحاوي : ذهب هؤلاء إلى أن حكم من ارتد عن الإسلام حكم الحربي الذي بلغته الدعوة فإنّه يقاتل من قبل أن يدعى ، قالوا : إنّما تشرع الإستتابة لمن خرج عن الإسلام لا عن بصيرة ، فأمّا من خرج عن بصيرة فلا. ثم نقل عن أبي يوسف موافقتهم لكن قال : إن جاء مبادراً بالتوبة خليت سبيله ووكلت أمره إلى الله تعالى.
وعن ابن عباس وعطاء : إن كان أصله مسلماً لم يستتب وإلاّ استتيب. واستدل ابن القصار لقول الجمهور بالإجماع يعني السكوتي ، لأنّ عمر كتب في أمر المرتد هلا حبستموه ثلاثة أيام وأطعمتموه في كلّ يوم رغيفاً لعله يتوب فيتوب الله عليه؟ قال : ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة ، كلّهم كأنّهم فهموا من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من بدّل دينه فاقتلوه ) أي إن لم يرجع. وقد قال تعالى ـ ( فان تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) ـ.