فقال العضد الآيجي في ( المواقف ) : ( إنّه ـ يعني أبا بكر ـ مجتهد إذ ما من مسألة في الغالب إلاّ وله فيها قول مشهور عند أهل العلم ، وإحراق الفجاءة لإجتهاده ، وعدم قبول توبته ، لأنّه زنديق ولا تقبل توبة الزنديق في الأصح ) (١).
ولم يعضد العضد الآيجي في قوله هذا أحد من أهل مذهبه! فقد قال القوشجي في ( شرح التجريد ) : ( وإحراق الفجاءة بالنار من غلطته في إجتهاده فكم مثله للمجتهدين ... ) (٢) إهـ.
وهذا ما يؤيده ندم أبي بكر عند موته على فعلته تلك ، فقد قال فيما رواه عنه عبد الرحمن بن عوف في خبر طويل ذكر فيه مثلثاته جاء فيه : ( ووددت أنّي لم أكن حرقت الفجاءة السلمي ، وأنّى كنت قتلته سريحاً أو خليته نجيحا ... ) (٣).
ونبقى مع عقوبة التحريق بين التصديق والتلفيق في التراث السني.
فلقد روى ابن حزم في ( المحلى ) ، خبر عكرمة الذي مرّ ذكره عند البخاري وغيره ، ثم روى ابن حزم عن أبي عمر والشيباني : أنّ رجلاً من بني عجل تنصر فكتب بذلك عيينة بن فرقد السلمي إلى عليّ بن أبي طالب ، فكتب عليّ أن يؤتى به ، فجيئ به حتى طرح بين يديه رجل أشعر عليه ثياب صوف موثوق في الحديد ، فكلّمه عليّ فأطال كلامه وهو ساكت ، فقال : لا أدرى ما تقول غير أنّي أعلم أنّ عيسى ابن الله ، فلمّا قالها
____________________
(١) المواقف ٣ / ٥٩٩.
(٢) شرح التجريد / ٤٨٢.
(٣) الاموال لأبي عبيد / ١٣١ ، العقد الفريد لابن عبد ربه ٢ / ٢٥٤ ، الإمامة والسياسة ١ / ١٨ ، تاريخ الطبري ٤ / ٥٢ بتوسط كتاب ( المحسن السبط مولوداً أم سقط / ١٧٢ ـ ١٧٥ ).