بعكرمة ما دام هو أصل الأكذوبة.
فنقول : هو غلام لحصين بن أبي الحرّ العنبري ، فوهبه لابن عباس ، فجهد في تثقيفه حتى كان يضع الكبل في رجليه على تعليم القرآن ، لكنه لم يثقف من إعوجاج قناته ، فبقي على قبح ذاته ، فأساء جزاء مولاه بعد موته ، فصار يكذب عليه حتى ضرب المثل به في كذب الموالي على ساداتهم.
فقال ابن عمر لمولاه نافع : ( اتقي الله ويحك لا تكذب عليَّ كما كذب عكرمة على ابن عباس ، كما أحل الصرف وأسلم ابنه صيرفياً ) (١).
وقال سعيد بن المسيب لمولاه برد : ( يا برد لا تكذب عليَّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس ) (٢).
وقيل لسعيد : أنّ عكرمة يزعم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوج ميمونة وهو محرم ، فقال : ( كذب مخبثان ) (٣).
ودعا عليه ابن سيرين فقال : ( أسأل الله أنّ يميته ويريحنا منه ) (٤).
وكان مالك ـ إمام المالكية ـ لا يرى عكرمة ثقة ، ويأمر أن لا يؤخذ عنه ، وقال : ( لا أرى لأحد أن يقبل حديثه ) (٥).
ولكذبه على مولاه ابن عباس قيّده علي بن عبد الله على باب الكنيف ( الحش ) (٦) ، فعيب عليه ، فقال : يكذب على أبي (٧).
____________________
(١) سير أعلام النبلاء ٥ / ١٠٢ ط دار الفكر.
(٢) طبقات ابن سعد ٥ / ١٠٠ط ليدن أفست ، سير أعلام النبلاء ٥ / ١٠٢ ط دار الفكر.
(٣) سير أعلام النبلاء ٥ / ١٠٢ ط دار الفكر ، ( مخبثان ) وهي صيغة مبالغة في الخبيث ( اللسان ).
(٤) سير أعلام النبلاء ٥ / ٥١٣ ط دار الفكر.
(٥) نفس المصدر ٥ / ٥١٤.
(٦) نفس المصدر ٥ / ٥١٢.
(٧) ميزان الأعتدال في ترجمة عكرمة.