أقول : وتبقى التقية لدى ابن عباس رضي الله عنه على ما فسّرها في قوله تعالى : ( أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً ) (١) ، قال : ( ما لم يهرق دم مسلم ولم يستحل ماله ) (٢).
وعنه أيضاً : ( التقية باللسان أو من حُمل على أمر يتكلم به وهو لله معصية فتكلم مخافة على نفسه ، وقلبه مطمئن بالإيمان فلا إثم عليه ، إنّما التقية باللسان ) (٣).
وأخرج عنه أبو حيّان الأندلسي في تفسيره ( البحر المحيط ) ، أنّه قال : ( إنّها مداراة ظاهرة ، أي يكون المؤمن مع الكفار ، وبين أظهرهم فيتقيهم بلسانه ولا مودة لهم في قلبه ) (٤).
وقال ابن عباس أيضاً : ( فأمّا من أكره فتكلم به لسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه ، لأنّ الله سبحانه إنّما يأخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم ) (٥).
ويبدو من كلام ذكره الطحاوي في ( شرح معاني الآثار ) في ( باب الوتر ) ، فقد روى بسنده عن عطاء ، قال : ( قال رجل لابن عباس رضي الله عنه : هل لك في معاوية أوتر بواحدة ( أي صلى الوتر ركعة واحدة ) وهو يريد أن يعيب معاوية ، فقال ابن عباس. أصاب معاوية ).
وتعقب الطحاوي بذكر ما دلّ على إنكار ابن عباس صحة تلك
____________________
(١) آل عمران / ٢٨.
(٢) تفسير الطبري ٦ / ٣١٣.
(٣) نفس المصدر.
(٤) البحر المحيط ٢ / ٤٢٣.
(٥) تفسير الطبري ١٤ / ١٢٢ ، وأخرجه السيوطي في الدر المنثور ١ / ١٧٦ عن ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس.
ورواه ابن حجر في فتح الباري ١٢ / ٢٦٣ عن ابن جرير أيضاً ، أقول وعطية العوفي راوي الخبر لهم في وثاقته نظر.