الصلاة من معاوية فساق بسنده عن عكرمة أنّه قال : ( كنت مع ابن عباس عند معاوية نتحدث حتى ذهب هزيع من الليل ، فقام معاوية فركع ركعة واحدة ، فقال ابن عباس : من أين ترى أخذها الحمار؟).
وأخرج أيضاً عن أبي بكرة مثله ، ثم قال الطحاوي : ( وقد يجوز أن يكون قول ابن عباس : أصاب معاوية على التقية له ، أي أصاب في شيء آخر ، لأنّه كان في زمنه ، لا يجوز عليه عندنا أن يكون ماضي لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قد علمه عنه صواباً ).
ثم أخرج عن ابن عباس في الوتر أنّه ثلاث (١).
ومهما أردنا أن نحمل على التقية بعض فتاوى ابن عباس رضي الله عنه فتبقى له بعض الشواهد على خلافها قائمة من خلال ولائه في أقواله وأعماله ، فإنّه كان مجاهراً بموالاة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قولاً وعملاً ، وقد مرّت في الحلقة الأولى ( سيرة وتاريخ ) بعض الشواهد كحديث الكتف والدواة ، وما كان عنه في أيام أبي بكر وعمر وعثمان ، وأمّا في أيام معاوية فأكثر من ذلك.
ومنها ما مرّ ذكره وأخرجه النسائي في سننه في كتاب ( المناسك ) في ( باب التلبية بعرفة ) بسنده : ( عن سعيد بن جبير ، قال : كنت مع ابن عباس بعرفات فقال : ما لي لا أسمع الناس يلبّون؟ قلت : يخافون من معاوية.
فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال : لبيك اللهم لبيك ، لبيك فإنّهم تركوا السنة من بغض عليّ عليه السلام ) (٢).
وحتى في حديث الكتف والدواة لم يكن دائماً في سعة الأمان حين
____________________
(١) شرح معاني الآثار ١ / ٣٨٩.
(٢) سنن النسائي كتاب المناسك ٥ / ٢٥٣ باب التلبية بعرفة.