إلى شيء من علمه يوافق قوله فيسميه مرّة ويسكت عنه أخرى ) (١).
وهذا من مالك ليس بعجب ، بعد أن كان الرجل لا يحبّ عليّاً عليه السلام! بل ذكر مؤرخوه أنّه كان على غلّ في صدره! ولست متجنّياً عليه ، بل قال ذلك عنه حتى أصحاب الدراسات الحديثة كالشيخ محمد أبو زهرة في كتابه ( الإمام مالك ) (٢) ، والشيخ أمين الخولي في كتابه ( مالك بن أنس ) (٣) ، وغيرهما.
والآن بعد هذا العرض السريع لأوّل تدوين رسمي للسنة تمّ بمباركة خليفة عباسية ، وجدنا حضور ابن عمر مكثفاً أكثر من ذكر ابن عباس رغم الأمر الخليفي ( تجنب شدائد ابن عمر ) ، وهذا يعني ليس الأمر كما ظنّه غير واحد ، بأنّ ثمة مزايدات عباسية في تضخيم وتفخيم ابن عباس ، ليكون لآل العباس كما كان لآل البيت عليهم السلام من مكانة ، إنّها ظنون كاذبة ، وفروض طائشة ، تدفعها مرويات ابن عباس الكثيرة في فضل الإمام أمير المؤمنين عليه السلام والأئمة عليهم السلام ، وقد تقدم ذكر بعضها في ( أسباب النزول في الجزء الثاني من هذه الحلقة ) ، ويأتي غيرها ، وهذه ليست في مصلحة الحاكمين من أبنائه ليتقرب إليهم بوضعها ، ولا يحتمل أنّهم أمروا بوضعها ، لأنّ ذلك بخلاف حجتهم في إستلاب الأمر من الأمويين ، وأنّهم هم أهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
وقد جرت عند شعراء العباسيين ذكر هذه الحجة ، ففي شعر مروان
____________________
(١) ضحى الإسلام ٢ / ٢٢٥ ، نقلاً عن مناقب الشافعي للفخر الرازي / ٢٨.
(٢) الإمام مالك لمحمد أبو زهرة / ٥٣ ـ ٥٤.
(٣) مالك بن أنس لأمين الخولي / ٣٣٧ ـ ٣٣٨.