فمنها أوّلاً : إنّ الشيعة في غنى عن سلوك مثل هذه السبُل المنحطة أخلاقياً ، فضلاً عن حرمتها ، وهم بما عندهم عن أئمتهم عليهم السلام في غنى عن الكذب ، وأتقى لله من أن يرتكبوا مثل هذا الفعل ، وإن رماهم من لا حريجة له في الدين بأنّهم كذلك يفعلون.
وحسبي في الردّ على هذا الإتهام الباطل ، قول محارب بن دثار ـ أحد قضاة وولاة خالد بن عبد الله القسري الناصبي في أيام ولايته على الكوفة ـ ( قال هانيء بن أيوب : سألت محارب بن دثار ، فقلت : ما تقول في غيبة الرافضة؟ قال : إنّهم إذاً لقومُ صدقٍ ) (١) ، وهذا غير متهم عليهم ، لأنّه كان مرجئاً وله قصيدة في ذلك ، وكان يرفض شهادة من لا يتولى الشيخين.
وماداموا قومٌ صدّق ، فهم لا يكذبون إذن.
وأصرح من هذا قول الجوزجاني : ( كان قوم من أهل الكوفة لا تحمد مذاهبهم ـ يعني التشيع ـ هم رؤوس محدثي الكوفة ، مثل أبي إسحاق والأعمش ومنصور وزبيد وغيرهم من أقرانه ، احتملهم الناس على صدق ألسنتهم في الحديث ... ) (٢) ، والجوزجاني هذا من النواصب غير متهم بممالاة أو محاباة للشيعة.
وممّا يوهي احتمال وضع الشيعة لأخبار الفضائل على لسان ابن عباس ، أنّها مروية في كتب العامة ، فكيف يتهم الشيعة بأنّهم وضعوها؟ ومَن قال بأنّها مدسوسة في المصادر السنية إذن فهو في حلّ حتى من
____________________
(١) أخبار القضاة لوكيع ٣ / ٢٩٢.
(٢) تهذيب التهذيب لابن حجر ٨ / ٦٦ ـ ٦٧ ط الهند حيدر آباد.