معوية ، فدخلت مسجداً وفي نفسي منهم ما فيها ، فاقيمت الصلاة فصلّيت الظهر وعليَّ كساء خلق ، فلمّا سلّم الإمام ، أتّكأ على الحائط وأهل المسجد حضور فجلست ، فلم أر أحداً منهم يتكلّم توقيراً لإمامهم ، فإذا بصبيَّين قد دخلا المسجد ، فلمّا نظر إليهما الإمام ، قال : أدخلا مرحباً بكما ومرحباً بمن أسماكما بأسمائهما ، والله ما سمّيتكما بأسمائهما إلاّ بحبِّ محمّد وآل محمّد ، فإذا أحدهما يقال له الحسن والآخر الحسين.
فقلت فيما بيني وبين نفسي : قد أصبتُ اليوم حاجتي ، ولا قوة إلاّ بالله وكان شابٌّ إلى يميني فسألته : مَن هذا الشيخ؟ ومَن هذان الغلامان؟ فقال : الشيخ جدَّهما ، وليس في هذه المدينة أحد يحبُّ عليّاً عليه السلام غير هذا الشيخ ، ولذلك سمّاهما الحسن والحسين ، فقمت فرحاً وإنّي يومئذ لصارم لا أخاف الرجال ، فدنوت من الشيخ ، فقلت : هل لك في حديث أقرُّ به عينك؟ قال : ما أحوجني إلى ذلك ، وإن أقررت عيني أقررت عينك.
فقلت : حدَّثني أبي ، عن جدِّي ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال لي : مَن والدك؟ ومن جدُّك؟ فلمّا عرفت أنّه يريد أسماء الرجال ، فقلت : محمّد بن علي بن عبد الله بن العبّاس ، قال : كنّا مع النبِّي صلى الله عليه وآله وسلم فإذا فاطمة عليها السلام قد أقبلت تبكي ، فقال النبِّي صلى الله عليه وآله وسلم : ( ما يبكيكِ يا فاطمة؟ ) قالت : يا أبتاه إنَّ الحسن والحسين قد عبرا أو قد ذهبا منذ اليوم ولا أدري أين هما؟ وإنَّ عليّاً يمشي على الدّالية منذ خمسة ايّام يسقي البستان وإنّي