عباس في قول الله تعالى : ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ) (١) ، إنّ هذا التكريم ، أنّ كلّ شيء يأكل بفمه إلاّ ابن آدم فإنّه يأكل بيده ، فأوتي بالملعقة ، فأخذها وكسرها ، وجعل يأكل بيده ، ويقول : صدق جدّي ) (٢).
فهؤلاء أنماط من الرجال الذين عايشوا بني العباس في أوج سلطانهم ، فرأينا فيهم المخادع المرائي لهم بالولاء ، ومنهم من لم يحابهم ويداجيهم فأنكر المنكر ، وكلّ هؤلاء على إختلاف مذاهبهم العقائدية ، وولا آتهم السياسية ، كانوا يحظون بمكانة لدى السلطان الحاكم ، ولم يُخبر عن واحد منهم تزلّف إليهم بوضع أحاديث لابن عباس أو فيه ، ولو كان فيهم مَن هو كذلك لأفتضح أمره وشاع خبره ، كما أفتضح أبو عصمة نوح بن أبي مريم المرزي الذي وضع في فضائل القرآن سورة سورة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، ( فقيل له : من أين لك عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة ، وليس عند أصحاب عكرمة هذا؟ فقال : إنّي رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفتيا أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبةٌ ) (٣).
فهذا مع اعترافه بالكذب والسبب ، لم يقل أنّه وضع ذلك حبّاً لابن عباس أو تقرباً إلى بنيه.
____________________
(١) الإسراء / ٧٠.
(٢) مقامات العلماء بين يدي الخلفاء والأمراء / ٩١.
(٣) الموضوعات لابن الجوزي١ / ٤١ ، ٤٥ ، ٤٦.