ما فيها ممّا ليس في صلاحهم السكوت عنها.
وإلى القارئ ذكر نموذجين من علماء أواخر أيام حكم العباسيين ، وهما في سلوكهما على طرفي نقيض :
١ ـ سيف الدين أبو بكر محمد بن أحمد الشاشي القفّال المتوفي سنة ( ٥٠٧ هـ ) ، وهو من أئمة الشافعية له كتاب ( حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ) ـ وقد طبع في ثمانية أجزاء ط مؤسسة الرسالة الحديثة ) ، وقد كتب باسم المستظهر العباسي الذي تولى الحكم سنة ( ٤٨٧ ـ ٥١٣ ). فكان يسمى المستظهري أيضاً ، كما في مقدمة المحقق له ـ وإذا بحثنا في هذا الكتاب لم نجده يذكر أحكاماً كثيرة عن جدّ العباسيين إلاّ أحاداً قليلة في كلّ جزء من أجزاء كتابه الثمانية حكى فيها عن ابن عباس ، نحو ما ذكره في مسألة ( الإعتبار بتغيرّ الماء بالنجاسة على كلّ حال ) ، فقال : ( ويروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه ) (١).
وإذ لم يذكر عن ابن عباس وهو الفقيه الجامع بلا منازع إلاّ متفرقات قليلة ، فلا يرجى منه أن يذكر أباه العباس بأكثر من ذكره للولد! ومع ذلك فقد ذكره أيضاً في مسألة ( جواز إستقبال وإستدبار القبلة لقضاء الحاجة ) ، فقال : ( ويروى ذلك عن العباس ) (٢).
ومَن كان بهذه المثابة من التنكر لفقه العباس وابنه حبر الأمة ، فلا غرابة إذا لم يذكر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلاّ في حكاية ابن المنذر
____________________
(١) حلية العلماء ١ / ١٨٦ ـ ٢٢١ ، و ٢ / ٢٥ ، ٤٨ ، ١٢٦ ، ١٤٧ ، ١٤٥ ، وج٣.
(٢) نفس المصدر ١ / ٢٠٤.