هذه الثورة فريدة في نسيجها لانها حررت الإنسان من الداخل وحررت الكون من الخارج في وقت واحد ويفسر باقر الصدر في أطروحته خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء كيف أن هذه الثورة تعد ضرورة لمقاومة الانحراف الطارىء على خط خلافة الإنسان لله في الكون وحتمية تدخل الأنبياء ليعيدوا المسيرة إلى مسارها الصحيح.
وهذه الثورة تمتاز عن غيرها لأنّها لا تحاول كما هو الحال في كل الثورات استبدال مواقع الاستغلال وإنما تسعى جاهدة لاستئصال الاستغلال كقيمة سلبية ومدمرة للمجتمع واقتلاع جذورها من نفوس الظالمين أنفسهم.
فالثائر الذي يتحرك في إطار النبوة ورسالتها لا ينطلق في حركته وحربه على الاستغلال من أجل استرداد حق شخصي ضائع ولا بدافع ذاتي كالانتقام بل يندفع الثائر النبوي في ثورته للقضاء على العلاقات الاجتماعية القائمة على أساس الجور والاستغلال وليقتلع الظلم بوصفه قيمة سلبية يعطل حركة المجتمع ويصادر مصالح المستضعفين بل مصالح المستغلين أنفسهم على المدى البعيد ( وعلى هذا الأساس نؤمن بأن الثورة الحقيقة لا يمكن أن تنفصل بحال عن الوحي والنبوة ومالها من امتدادات في حياة الناس كما أن النبوة والرسالة الربانية لا تنفصل بحال عن الثورة الاجتماعية على الاستغلال والترف والطغيان ) (١).
د ) النبوة وقيادة المجتمعات : إن النبوة بما هي الصلة الموضوعية بين
__________________
١ ـ م. ن ، ص ١٧٢.