تدريجياً بواسطة نبوات عديدة لتدرك هذه الدرجة العالية يقول الشهيد الصدر :
( ان فكرة التوحيد ليست ذات درجة حدية وانما هي بنفسها ذات درجات من العمق والاصالة والتركيز والترسخ فهذه الدرجات متفاوتة كان لابدّ بمقتضى الحكمة الإلهية أن يهيأ لها الإنسان بالتدريج هذا الانسان الذي غرق بمقتضى تركيبه العضوي والطبيعي في حسه ودنياه بالتدريج لكي ينفتح على فكرة التوحيد التي هي فكرة الغيب ) (١).
ويستقرىء الصدر هذا التكامل للوعي التوحيدي عبر مقارنة بين أهم دينانتين سابقتين وبين الإسلام فيسجل أن التوحيد في التوراة يعطي فكرة اله لكن لا يستطيع أن ينزع عنه الطابع القومي المحدود وفي الانجيل صعدت فكرة الله مرتبة وذلك لانه تخلص من الطابع القومي واصبح الاله الهاً عالمياً ولكنه لم يجرد كلية وبقي أسير ذهنية الانسان الحسية وبهذا يعبّر الانجيل عن المسيح بأنه ابن الله ـ فالاله هو الأب لكل البشرية .. لكن القرآن يعطي لفكرة التوحيد مداها الاعظم من التنزيه والتجريد فيجرد الله عن أي علاقة مادية مع أي إنسان كان (٢).
__________________
١ ـ محمد باقر الصدر : أهل البيت ( م. س ) ص ٣٩.
٢ ـ انظر تفاصيل هذا التطور في كتاب : أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف ص ٣٩ ـ ٤٠.