كُلّ هذه الملاحظات تدلّ على التلازم والارتباط الوثيق بين الوصيّة وأهل البيت في خطبة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وإنّما وقع الفصل بينهما في رواية يزيد بن حيّان بجعل الوصيّة بالكتاب فقط ، مع إضافة عبارة ( أُذكِّرُكُمْ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ) ثلاثاً ، للتذكير بحقوق أهل البيت كالمحبّة والإكرام ، لكن لا تعني بالضرورة أنْ يكون الرسول صلىاللهعليهوآله قد اوصى بالتمسّك بهم بعد الثقل الأكبر ، وهو القرآن الكريم ، وهذا ما التبس على كثير من علماء المسلمين في شأن حديث الثقلينن حيث اعتمدوا على هذه الرواية التي وردت في صحيح مسلم ، وذلك للمكانة التي حظي بها هذا المرجع في الحديث كمصدر صحيح موثوق فيه ، هذا من جهة ، ولأنّها جاءت أيضاً على هذا النحو في مصادر أخرى ، ممّا عزز صحّتها عندهم ، لكنّ البحث هنا يبيّن أنّ هذه الرواية راجعة إلى راوٍ واحدٍ هو يزيد بن حيّان ، الذي انفرد بهذه العبارة من بين ١٢ راوٍ آخر لنفس الحديث. أمّا بالنسبة لبقيّة الروايات ، فإنّ حذف الوصيّة أحياناً أو حذف أهل البيت أحياناً أخرى ، إنّما كان يحقّق هدفاً واحداً في كلا الوجهين ، وهو إخراج أهل البيت من الوصيّة.
ومع الأسف فإنّ الروايات التي انتشرت بشكل أوسع ـ كما يتّضح من خلال الرسوم التوضيحيّة ـ هي روايات يزيد بن حيّان ، وروايات أبي عوانة ، أمّا عند الأوّل فقد زُحزح أهل البيت عن الوصيّة ، وتمّ تعويض ذلك بعبارة تذكّر بحقوقهم ، وأمّا عند الثاني فقد حذفت