الرحمة لما كنت فيه من الزهو والاستطالة ، فرضيت بما إليه صيرتني وإن كان الضر قد مسنى ، والفقر قد اذلني ، والبلاء قد حل بي.
فان يك ذلك من سخط منك فأعوذ بحلمك من سخطك ، ولن كنت أردت أن تبلوني فقد عرفت ضعفي وقلة حيلتي ، إذ قلت تباركت وتعاليت « إن الانسان خلق هلوعا * إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا » (١) وقلت عزيت من قائل (٢) « وأما الانسان إذا ما ابتليه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمني * وأما إذا ما ابتليه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانني » (٣) وقلت جليت من قائل « إن الانسان ليطغى * أن رآه استغنى » (٤) وقلت سبحانك : « وإذا مسكم الضر فإليه تجأرون » (٥) وقلت عزيت وجليت « وإذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل » (٦) وقلت « وإذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه أو قاعدا أو قائما فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلى ضر مسه » (٧) وقلت : « ويدع الانسان بالشر دعاءه بالخير وكان الانسان عجولا » (٨).
صدقت يا سيدي ومولاي هذه صفاتي التي أعرفها من نفسي ، وقد مضى علمك في يا مولاي ، ووعدتني منك وعدا حسنا أن ادعوك فتستجيب لي ، فأنا أدعوك كما أمرتني فاستجب لي كما وعدتني ، وزدني من نعمتك وعافيتك وكلاءتك وسترك ، وانقلني مما أنا فيه إلى ما هو افضل منه ، حتى تبلغ بي فيما أنا فيه رضاك
__________________
(١) المعارج : ٢١١٩.
(٢) عزيت من باب التفعيل ، اصله عززت ، ابدل الزاء الثالثة ياء استثقالا لاجتماع الامثال كما قالوا تظنى تظنيا من الظن وتقضى تقضيا من القض ، وهكذا جليت فيما يأتى من كلامه عليهالسلام.
(٣) الفجر : ١٦١٥.
(٤) العلق : ٦.
(٥) النحل : ٥٣.
(٦) الزمر : ٨.
(٧) يونس : ١٢.
(٨) اسرى : ١١.