الدهر مني ، ونفدت مدتي ، وذهبت شهوتي ، وبقيت تبعتي ، فجد بحلمك على جهلي ، وبعفوك على قبيح فعلي ، ولا تؤاخدني بما كسبت من الذنوب العظام ، في سالف الايام.
سيدي أنا المعترف باساءتي ، المقر بخطائي ، الماسور باجرامي ، المرتهن بآثامى ، المتهور باساءتي ، المتحير عن قصد طريقي ، انقطعت مقالتي ، وضل عمري وبطلت حجتي في عظمى وزري ، فامنن علي بكريم غفرانك واسمح لي بعظيم إحسانك فانك ذومغفرة للطالبين شديد العقاب للمجرمين.
سيدي إن كان صغر في جنب طاعتك عملي ، فقد كبر في جنب رجائك أملي سيدي كيف أنقلب من عندك بالخيبة محروما ، وظني بك أنك تقلبني بالنجاة مرحوما ، سيدي لم أسلط على حسن ظني بك قنوط الآيسين ، فلا تبطل لي صدق رجائي لك في الآملين ، سيدي عظم جرمي إذ بارزتك باكتسابه ، وكبر ذنبي إذ جاهرتك بارتكابه إلا أن عظيم عفوك يسع المعترفين وجسيم غفرانك يعم التوابين.
سيدي إن دعاني إلى النار مخشى عقابك فقد دعاني إلى الجنة مرجو ثوابك سيدي إن أوحشتني الخطايا من محاسن لطفك ، فقد أنسني اليقين بمكارم عطفك وإن أنامتني الغفلة عن الاستعداد للقائك ، فقد ايقظتني المعرفة بقديم آلائك ، وإن عزب عني تقديم لما يصلحني (١) فلم يعزب إيقاني بنظرك إلي فيما ينفعني ، وإن انقرضت بغير ما أحببت من السعي ايامي ، فبالايمان امضيت السالفات من أعوامي.
سيدي جئت ملهوفا قد لبست عدم فاقتي ، واقامني مقام الاذلاء بين يديك ضر حاجتي ، سيدي كرمت فاكرمني إذ كنت من سؤالك ، وجدت بمعروفك فاخلطني (٢) بأهل نوالك ، اللهم ارحم مسكينا لا يجيره (٣) إلا عطاؤك ، وفقيرا لا يغنيه إلا جدواك.
سيدي اصبحت على باب من أبواب منحك سائلا ، وعن التعرض بسواك
__________________
(١) وان عزب لبى عن تقديم [ تقويم ] ما يصلحنى ، خ ل صح.
(٢) فالحقنى ، خ ل.
(٣) يجبره ، خ ل.