بى زاد الطريق في المسير إليك ، فقد أوصلته بذخائر ما اعددته من فضل تعويلي عليك.
سيدي إذا ذكرت رحمتك ضحكت لها عيون مسائلي ، وإذا ذكرت عقوبتك بكت لها جفون وسائلي ، سيدي ادعوك دعاء من لم يدع غيرك في دعائه ، وأرجوك رجاء من لم يقصد غيرك برجائه ، سيدي وكيف أرد عارض تطلعي إلى نوالك وإنما أنا في هذا الخلق أحد عيالك ، سيدي كيف اسكت بالافحام (١) لسان ضراعتي وقد اقلقني ما أبهم علي من تقدير عاقبتي.
سيدي قد علمت حاجة جسمي إلى ما قد تكفلت لي من الرزق ايام حياتي وعرفت قلة استغنائي عنه بعد وفاتي ، فيا من سمح لي به متفضلا في العاجل ، لا تمنعنيه يوم حاجتي إليه في الآجل ، فمن شواهد نعماء الكريم إتمام نعمائه ، ومن محاسن آلاء الجواد إكمال آلائه.
إلهي لولا ما جهلت من أمري لم أستقلك عثراتي ، ولولا ما ذكرت من شدة التفريطلم اسكب عبراتي ، سيدي فامح مثبتات العثرات لمسبلات العبرات ، وهب كثير السيئات ، بقليل (٢) الحسنات.
سيدي إن كنت لا ترحم إلا المجدين في طاعتك فالى من يفزع المقصرون؟ وإن كنت لا تقبل إلا من المجتهدين فإلى من يلجاء الخاطئون؟ وإن كنت لا تكرم إلا أهل الاحسان فكيف يصنع المسيئون؟ وإن مكان لا يفوز يوم الحشر إلا المتقون فبمن يستغيث المذنبون؟ سيدي إن كان لا يجوز على الصراط إلا من أجازته براءة عمله فأنى بالجواز لمن لم يتب إليك قبل دنو أجله؟ وإن لم تجد إلا على من عمر بالزهد مكنون سريرته ، فمن للمضطر الذي لم يرضه بين العالمين (٣) سعى نقيته؟
سيدي إن حجبت عن أهل توحيدك نظر تغمدك بخطيئاتهم أوبقهم غضبك بين المشركين بكرباتهم ، سيدي إن لم تشملنا يد إحسانك يوم الورود ، اختلطنا في الخزي يوم الحشر بذوي الجحود. فأوجب لنا بالاسلام مذخور هباتك ، واصف ما كدرته
__________________
(١) بالافهام خ ل.
(٢) لقليل خ ل.
(٣) العاملين سعى نفسه خ ل.