نفسه بالحجة في دعواه ، وخضع لك خضوع من يؤملك لآخرته ودنياه ، فلا تقطع عصمة رجائي ، واسمع تضرعي ، واقبل دعائي ، وثبت حجتي على ما اثبت من دعواي.
سيدي لو عرفت اعتذارا من الذنب لاتيته ، فأنا المقر بما أحصيته وجنيته وخالفت أمرك فيه فتعديته ، فهب لي ذنبي بالاعتراف ، ولا تردني في طلبتي عند الانصراف ، سيدي قد اصبت من الذنوب ما قد عرفت ، واسرفت على نفسي بما قد علمت ، فاجعلني عبدا إما طائعا فأكرمته (١) وإما عاصيا فرحمته (٢).
سيدي كأني بنفسي قد اضجعت بقعر حفرتها ، وانصرف عنها المشيعون من جيرتها ، وبكى عليها الغريب لطول غربتها ، وجاد عليها بالدموع المشفق من عشيرتها وناداها من شفير القبر ذو مودتها ورحمها المعادي لها في الحياة عند صرعتها ، ولم يخف على الناظرين إليها فرط فاقتها ، ولا على من قدرآها توسدت الثرى عجز حيلتها ، فقلت : ملائكتي فريد نأى عنه الاقربون ، وبعيد جفاه الاهلون ووحيد فارقه المال والبنون نزل بي قريبا ، وسكن اللحد غريبا ، وكان لي في دار الدنيا داعيا ، ولنظري له في هذا اليوم راجيا ، فتحسن عند ذلك ضيافتي ، وتكون أشفق علي من أهلي وقرابتي.
إلهي وسيدي لو اطبقت ذنوبي ما بين ثرى الارض إلى أعنان السماء ، وخرقت النجوم إلى حد الانتهاء ، ماردني اليأس عن توقع غفرانك ، ولا صرفني القنوط عن انتظار رضوانك ، سيدي قد ذكرتك بالذكر الذي ألهمتنيه ، ووحدتك بالتوحيد الذي أكرمتنيه ، ودعوتك بالدعاء الذي علمتنيه ، فلا ترحمني برحمتك الجزاء الذي وعدتنيه ، فمن النعمة لك علي أن هديتني بحسن دعائك ، ومن إتمامها أن توجب لي [ محمودة ] جزائك.
سيدى أنتظر عفوك كما ينتظره المذنبون ، وليس أياس من رحمتك التي يتوقها المحسنون ، وإلهي وسيدي انهملت بالسكب عبراتي ، حين ذكرت خطاياي وعثراتي ، وما لها لا تنهمل وتجري وتفيض ماؤها وتذرى ولست ادري إلى ما يكون
__________________
(١) فاكرمتنى خ ل.
(٢) فرحمتنى خ ل.