المرأة زينتها ومحاسنها للرجال (١) قال تعالى : « وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية » (٢) والمراد بمقادير تبرج الفلك ما يمكن من تزينه ، وهذه الفقرة موافقة لقوله تعالى « صنع الله الذي أتقن كل شئ وزينا السماء الدنيا بمصابيح » (٣).
« و » يا من « شعشع » يقال : شعشعت التراب أي مزجته اي مزج « ضياء الشمس » القائم بها « بنور تأججه » يعني بنور يحصل من تلهب ذلك الضياء ، وهو شعاع الشمس أي ما يرى من ضوئها عند طلوعها كالاغصان أو نقول التشعشع مأخوذ من الشعاع كما أن التلجلج مأخوذ من اللجة ، وهو مطاوع الشعشعة ، اي جعل ضياء الشمس القائم بهاذا شعاع بسبب نور ظهوره الذي هو مقتضى ذاته أزلا وأبدا ، فالضمير على الاول راجع إلى الضياء ، وعلى الثاني إلى « من » والاجيج تلهب النار ، وقد أجت تأج أجيجا وأججتها فتأججت.
« يا من دل على ذاته بذاته » أبرز حرف النداء ، لتغيير الفاصلة ، يعني يا من كان نور ذاته دليلا موصلا للطالبين إلى ذاته المتعالية من مدارك الافهام ومسالك الاوهام ، وهذا مشهد عظيم مخصوص بالكاملين وأما الناقصون فيستدلون من الاثر على المؤثر ، والفرق بين الفريقين كالفرق بين من رأى الشمس بنور الشمس ، وبين من استدل على وجود الشمس بظهور اشعتها ، ويقال : دله على الطريق يدله
__________________
(١) ويحتمل أن يكون المراد هنا انتقال الكواكب فيه من برج إلى برج ، والاول ايضا يرجع إلى ذلك فان تبرج الفلك حركته مع زينة الكواكب وظهوره بها للخلق والظرف اما متعلق بأتقن اى الاتقان في مقادير حركات كل فلك ، وانتظامها الموجب اصلاح أحوال جميع المواليد والمخلوقات أو حال عن الفلك ، اي أحكم خلقه كائنا في تلك المقادير أو متلبسا بها ، والمعنى أحكم خلقه ومقادير حركاته ، وهو اشارة إلى قوله تعالى « صنع الله الذي أتقن كل شئ » كذا افاده قدسسره في شرح هذه الفقرة في مجلد كتاب الصلاة. ذكره السيد الجليل محمد خليل الموسوى مصحح طبعة الكمبانى في الهامش.
(٢) الاحزاب : ٣٣.
(٣) النمل : ٨٨ ، فصلت : ١٢.