الضرب المقامع خلقت اعضائي أم لشرب الحميم خلقت أمعائي ، سيدي لو ان عبدا استطاع الهرب من مولاه لكنت أول الهاربين منك ، لكني أعلم أني لا أفوتك.
سيدي لو ان عذابي مما يزيد في ملكك لسألتك الصبر عليه غير اني أعلم أنه لا يزيد في ملكك طاعة المطيعين ، ولا ينقص منه معصية العاصين ، سيدي ما أنا وماخطري؟ هب لي بفضلك ، وجللني بسترك ، واعف عن توبيخي بكرم وجهك إلهي وسيدي ارحمني مصروعا على الفراش تقلبني ايدي أحبتي ، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ، وارحمني محمولا قد تناول الاقرباء اطراف جنازتي ، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي.
قال طاووس : فبكيت حتى علا نحيبي ، والتفت إلي فقال : ما يبكيك يا يماني؟ أو ليس هذا مقام المذنبين؟ فقلت : حبيبي حقيق على الله أن لا يردك ، وجدك محمد صلىاللهعليهوآله قال : فبينا نحن كذلك إذ اقبل نفر من اصحابه فالتفت إليهم فقال : معاشر اصحابي! وأوصيكم بالآخرة ، ولست أوصيكم بالدنيا ، فانكم بها مستوصون ، وعليها حريصون ، وبها مستمسكون ، معاشر اصحابي إن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر فخذوا من ممركم لمقركم ، ولا تهتكوا استاركم عند من لا يخفى عليه اسراركم وأخرجوا من الدنيا قلوبكم ، قبل أن تخرج منها أبدانكم ، أما رأيتم وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الامم السالفة ، والقرون الماضية ، ألم تروا كيف فضح مستورهم ، وامطر مواطر الهوان عليهم ، بتبديل سرورهم ، بعد خفض عيشهم ولين رفاهيتهم ، صاروا حصائد النقم ومدارج المثلات ، اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم (١).
٢ ـ لى : بهذا الاسناد عن طاووس قال : كان علي بن الحسين سيد العابدين عليهالسلام يدعو بهذا الدعاء :
إلهي وعزتك وجلالك وعظمتك ، لو أني منذ بدعت فطرتي من أول الدهر عبدتك دوام خلود ربوبيتك بكل شعرة في كل طرفة عين سرمد الابد بحمد
__________________
(١) امالى الصدوق ص ١٣٢.