يجري ـ وذلك على الرغم مما خططت له فرنسا وبريطانيا ـ من بين أفراد الطائفة المسيحية السائدة في الولاية المعنية وإنما من بين أفراد الطائفة المنافسة لها الأمر الذي كان يقلل بدرجة كبيرة من دور هذا الإداري غير المسلم.
أما الدفتر دار فإنه كان يمثل وزارة المالية ويلعب دوراً كبيراً في حياة الولاية ذلك إنه لا يمكن أن تصرف أية وثيقة مالية ما لم تكن مختومة من قبله بكلمة «فيرليه» أي (يصرف) وتظهر تبعية هذا الوكيل المالي للوالي في أن كل المخصصات والحوالات المالية الواردة إلى الدفتر دار يجب أن تقترن بإمضاء هذا الأخير وبدونه تعتبر باطلة. وفيما عدا ذلك يكون الدفتردار مستقلاً تماماً في عمله ذلك إن كل مسؤولية الوالى في المجال المالي تقتصر على حرصه على أن ترد الضرائب والأتاوات بشكل صحيح ومراقبته لأعمال موظفي المالية واهتمامه بأن لا يقوم هؤلاء بأية تجاوزات. وفي حالة وجود فرع للبنك العثماني الامبراطوري الذي أنيطت به كما سنرى فيما بعد مهمة تنفيذ مسؤوليات بنك الدولة، يكون عمل الدفتردار الوظيفي بسيطاً إلى حد كبير إذ لا يبقى أمامه من العقبات الكبيرة إلّا ما يطلق عليه اسم «حوالة». وتعرف بهذا الأسم الكمبيالات المسحوبة على خزينة الأقاليم من قبل الوزارات العثمانية التي تكون مضطرة، لأجل صرف الفروض التي طرحتها على أساس الكشوف التقديرية التي أعدتها مسبقاً، إلى اللجوء إلى هذه الطريقة في الدفع لدائنها وللموردين الذين تتعامل معهم. وعلى الدفتردار في هذه الحالة أن يبذل جهوداً غير قليلة لإيجاد المبالغ الواجب دفعها لحاملي مثل هذا «الحوالات» (١).
______________________
(١) Odysseus: Turkey in Erope, London ١٩٩٠, PP. ١٥٤. ١٥٥.