أما في أوروبا الغربية فالمعروف أن أقدم أخبار عن هذه الطائفة صدرت في القرن السابع عن البرتغاليين الذين هم أول من دعا الصابئة بـ «مسيحيو يوحنا المعمدان». ومنذ ذلک الوقت أورد أغلبية الرحالة الذين زاروا العراق الجنوبي في کتاباتهم أخباراً مفصلة بدرجة کبيرة أو قليلة عن هذه الطائفة التي تثير الاهتمام.
وعلى الرغم من ذلک فإن دين الصابئة لم يجر البحث فيه إلّا قليلاً حتي إن العلماء الأوروبيين لم يتوصلوا حتى الآن إلى حل قضية أصل هذا الدين وجوهره. فالبروفسور خفولسون في کتابه المذکور يتمسک بالرأي القائل بأن دين الصابئة ما هو إلّا الديانة التي کان يعتنقها الکلدان القدماء بعد أن تأثرت بشدة بالديانة اليهودية وتعاليم زرادشت (١). في حين أن بعض العلماء الآخرين يعتبرون المندائيين إحدى الطوائف الغنوصية (٢) التي تربت بأفکار الفرس والکلدان بدرجة ملحوظة. ويعتقد آخرون بأن الصابئة هم أتباع تلامذة يوحنا المعمدان الذين کونوا في زمن ما في فلسطين نفسها وخارجها طوائف دينية خاصة ارتفعت فيها منزلة المعمدان حتي کادت تقارب منزلة الإله. وهناک فريق آخر من الباحثين يميل إلى
______________________
(١) (Ibid. S. ١٠١.)
(٢) الغنوصية هي أتجاه ديني فلسفيظهر في القرون الثلاثة الأولى بعد الميلاد في سوريا وما بين النهرين وانتقل إلى الامبراطورية الرومانية، وهو مزيج من أديان الشرق القديمة والفلسفة اليونانية والأفلاطونية الحديثة والمعتقدات المسيحية. يعتقد الغنوصيون بالتوصل إلى المعارف العليا عن طريق الکشف وليس عن طريق الاستدلال والبرهنة العقلية. وقد انقسم الغنوصيون إلى عشرات الفرق منها المسيحية ومنها الوثنية ـ المترجم.