التورخة !
كثيراً ما صيغ التاريخ ، وقيل : إن ذلك من أجل العبرة والعبر ، وكذلك من أجل حفظ وعي الأمة وذكراها حتىٰ لا تنسىٰ ماضيها وتبقىٰ مرتبطة به.
لكن إلىٰ أي حد عبّر هذا التاريخ عن وعي الأمة الحقيقي ؟ لأن كتابة التاريخ تتداخل فيها الآنات ذات الاتجاهات المتعددة ، والمرتبطة باللحظة التي وافق فيها المؤرخ نفسه علىٰ صياغة مشروعه التاريخي.
فتبقىٰ هذه المادة التاريخية معبرة بطبيعتها عن وجهة نظر المؤرخ ، وذلك علىٰ حد قول ابن خلدون : إن التاريخ نظر لا مجرد رواية (١) ، ومنه يصبح نظر المؤرخ هو المحدد لنوعية المادة التاريخية.
إذن ، فهناك علاقة وطيدة بين المؤرخ كفاعل والمادة التاريخية كأرضية لهذا الفعل ، أي أن التاريخ هو التفاعل الناتج عن التقاء المؤرخ والمعلومات المرتبطة بالماضي والتي نسميها تاريخية.
وبتعبير آخر هي مجموع المعلومات المرتبطة بالزمن الغابر الماضي ومعرفة الشخص المؤرخ بها ، ومن ثم يكون إدراكه لها ليس كلياً ،
______________
(١) نقلاً عن عبد الله العروي ، مفهوم التاريخ : ١ / ٣٦ ، الطبعة ٣ ، ١٩٩٧ ، المركز الثقافي العربي.