المهدي حقيقة
إن الرؤية البشرية للكون أجمعت كلّها علىٰ نهاية العالم بقدوم المخلص ، فبعدما تكون الدنيا قد ملئت ظلماً وجوراً ، يأتي هو لإخراجها من هذا الوضع اللاإنساني إلىٰ حالة العدل الشامل ، أو بالتعبير الاسلامي إلىٰ عالم العدل الإلهي.
إن هذه الرؤية الكونية لايشك أحد في كونها معطى فطري تركّب في عقلية الإنسان ، حتىٰ أصبح انتظاره للفرج ، وتحقيق هذا الموعود حقيقة واقعية تنتظر التحقيق ، وعلىٰ صعيد الفكر الإسلامي فإن حقيقة الانتظار ارتبطت بفكرة المهدوية ، والتي يكون قائدها المهدي المنتظر أحد أحفاد الرسول الكريم ، وقد تعارفت المدارس الفكرية الإسلامية علىٰ هذه النظرة حتىٰ بلغ معدل الحقيقة فيها سطح المائة بالمائة ، ذلك لما فاضت به كتب الحديث حول هذا الموضوع ، والذي يؤيد ويقوي الدلالات الرمزية الواقعة في القرآن والتي تنبأ باليوم الموعود ، يوم تحقق العدل المنشود ووراثة الأرض من طرف عباد الله الصالحين ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (١).
______________
(١) الأنبياء : ١٠٥.